علي حسين
كان من المفترض أن يكون موضوع المقال لهذا اليوم عن "ربطة" عنق رئيس الوزراء المطرود عادل عبد المهدي ذات اللون الأحمر،
الذي أراد من خلالها أن يذكرنا بأنهار الدم التي سالت بسبب رفضه مغادرة كرسي رئيس الوزراء، وكنّا جميعاً أنتم وجنابي قد عشنا مع عادل عبد المهدي وهو يتحدث كل يوم عن الانجازات الضخمة التي حققها خلال السنة الأولى من ولايته، حتى توهمنا أن بغداد تحولت بين ليلة وضحاها إلى مدينة تنافس طوكيو وسنغافورة على المركز الأول في آسيا، وكأنه لم يكن ثمّة عراق قبل وصول عادل عبد المهدي إلى كرسي رئاسة الوزراء.
إياك عزيزي القارئ أن تظنّ أنّ "جنابي" يهدف إلى السخرية من قادة البلاد الأشاوس، فالديمقراطية العراقية تقضي بأن يبقى المواطن العراقي متفرجاً، فيما جميع الساسة شركاء، يضمن كلّ منهم مصالح الآخر، حامياً لفساده، مترفّقاً بزميله الذي يتقاسم معه الكعكة العراقية في السرّاء والضرّاء.. ولهذا كان لا بد من أن يخرج علينا السيد نوري المالكي ليشيد بالتظاهرات ويحذر من الطائفية، ويطالبنا بأن نستمر في إنجاز المشروع الوطني الذي بدأه سيادته عام 2006 ، والذي لم تسمح له الإمبريالية أن يواصل إكماله.
هذه هي النتيجة، لا حدود للسخرية من المواطن العراقي، ولهذا عندما يقول السيد المالكي إن المندسين أرادوا الشر بهذا البلد، دون أن يشير بإصبعه إلى قتلة الشباب في بغداد والبصرة والناصرية والنجف وكربلاء، فلا ينبغي أن نصاب بالدهشة، وعينا ان نتوقع خبرا يقول اصحابه إن السيد المالكي استنكر بشدة وشجب بقوة استخدام المتظاهرين للحجارة، لأنه اكتشف أن على المتظاهر أن يتلقى الرصاص وقنابل الغاز باعتبارهما هدايا من الحكومة! .
ليس أمامك عزيزي القارئ، سوى أن تصدّق رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خصوصاً عندما يصرف وقته الثمين هذه الأيام على كتابة توجيهات وخطابات، يوماً ليسخر من الاحتجاجات، ويوماً من أجل الإسراع بإنجاز " تبليط " الخط السريع للإصلاح، الخطاب الأخير فاق ما قبله وما بعده، فقد خاطب السيد المالكي المتظاهرين بأن يحذروا من عودة الدكتاتورية، ولم يتساءل السيد المالكي عن الأسباب التي أدت إلى قيام الاحتجاجات.. ولم يذكرنا كيف أن "فخامته" قال عن المتظاهرين ذات يوم إنهم "فقاعات".
للأسف يعاني السيد المالكي من مشكلة عميقة مع العراقيين، فهم رغم ما يبدونه من إخلاص ورغبة في متابعة خطاباته ، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقوله، لذلك نراه بعد كل خطاب "يخرج" من على الشاشة، ليشرح لمستمعيه بإشارة من إصبعه، علّهم يفهمون، لكن يبدو من مجموعة الخطب، أنهم لا يريدون أن يفهموا أنّ الرجل غير مسؤول عن ما جرى خلال ولايتيه "السعيدتين".