اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: رسائل جبل أحد

العمود الثامن: رسائل جبل أحد

نشر في: 2 ديسمبر, 2019: 10:26 م

 علي حسين

ليس صحيحاً أن الحياة السياسية في العراق كلها سوداء وقاتمة، فهناك جوانب مضحكة كثيرة، بل وساخرة، ولمن لا يصدق عليه مطالعة التصريحات الأخيرة لنواب وقادة كتل سياسية ،

حول اختيار رئيس الوزراء الجديد ، حيث تتكشف لنا كل يوم فصول ممتعة من كوميديا الـ "كتلة الأكبر"، والاستحقاق السياسي ، وحيث تزداد الأسئلة وعلامات الاستفهام، ولكي نفهم أبعاد هذه المسرحية لا بد من العودة إلى نقطة البداية، وهي أن مجلس النواب وفي رده على تظاهرات تشرين، طالب الجميع بمنح البرلمان مهلة لكي يأخذ أنفاسه، وبعدها بدأ السادة النواب، وفي سرية تامة مسيرة البحث عن سعيد الحظ الذي سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء.. وذهب الخيال بالبعض إلى أن وضع قائمة مختارة تنوعت مبتدئة بعزت الشابندر، ولم تنته عند "البروفيسور" علي شكري.

في الجانب الآخر يضحك المحتجون من أسماء المرشحين، أكثر من عشرين إسما طرحت تترواح سيرتهم بين اللعب على الحبال، والفشل في إدارة وزارة ونهب ميزانياتها. أسماء البعض منها مضحكة وأخرى مبكية، وجميعها تذكرنا بما قاله عمنا المتنبي "ولكنه ضحك كالبكاء"، الأحزاب تريد أن تعطي للعالم انطباعا بأننا دولة ديمقراطية، مع أن جميع الخيوط في اليد اليسرى للجارة الأرجنتين.

لا تريد الأحزاب المتنفذة للمواطن العراقي حتى تخيل رئيس وزراء يلبي مطالب المحتجين ، ولذلك لا تؤخذ الكراسي، إلا غلابا مع الاعتذار لأمير الشعراء أحمد شوقي، الذي ظل يذكرنا "وما استعصى على قوم منال.. إذا الإقدام كان لهم ركابا "، فالمطالب الحقة لا تؤخذ بالتمني ولكن تؤخذ غلابا.. بإصرار الشباب على أن لا يتركوا ساحات الاحتجاج قبل تحقيق حلمهم "أريد وطن" ، ولهذا يا أصدقائي في ساحات الاحتجاج عليكم أن تبقوا مشاغبين، وأن تتمسكوا بحلمكم بقوة، فهو طريقكم الوحيد لكي ننجو من الغرق في رمال القوائم العابرة للطائفية.

اليوم نشعر جميعاً أننا وسط حلبة مصارعة نتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحنا؟ هل نصمت وننعزل، أم ندفع أعمارنا في البحث عن وطن بوسع احلام الاجيال القادمة ؟.. إنها محنة السيسسي الذي يعتقد أن حماقة الطائفية هي طوق النجاة الأخير، اليوم المواطن العراقي ومن ساحات الاحتجاج يعبر على جثة الاصطفاف الطائفي، لانه ادرك أن التغييرالحقيقي الذي يستحقه لا يعني تغيير السلطة، أو وجوه الحاشية، أو استبدال جماعة طائفية، بأخرى اكثر طائفية. ‎التغيير اختيار رئيس وزراء جديد ، بقدر ما هو تفكيك بنية طائفية ترى في كرسي الحكم حقا شرعيا، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن، ويعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    أحسنت

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram