علي حسين
ليس صحيحاً أن الحياة السياسية في العراق كلها سوداء وقاتمة، فهناك جوانب مضحكة كثيرة، بل وساخرة، ولمن لا يصدق عليه مطالعة التصريحات الأخيرة لنواب وقادة كتل سياسية ،
حول اختيار رئيس الوزراء الجديد ، حيث تتكشف لنا كل يوم فصول ممتعة من كوميديا الـ "كتلة الأكبر"، والاستحقاق السياسي ، وحيث تزداد الأسئلة وعلامات الاستفهام، ولكي نفهم أبعاد هذه المسرحية لا بد من العودة إلى نقطة البداية، وهي أن مجلس النواب وفي رده على تظاهرات تشرين، طالب الجميع بمنح البرلمان مهلة لكي يأخذ أنفاسه، وبعدها بدأ السادة النواب، وفي سرية تامة مسيرة البحث عن سعيد الحظ الذي سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء.. وذهب الخيال بالبعض إلى أن وضع قائمة مختارة تنوعت مبتدئة بعزت الشابندر، ولم تنته عند "البروفيسور" علي شكري.
في الجانب الآخر يضحك المحتجون من أسماء المرشحين، أكثر من عشرين إسما طرحت تترواح سيرتهم بين اللعب على الحبال، والفشل في إدارة وزارة ونهب ميزانياتها. أسماء البعض منها مضحكة وأخرى مبكية، وجميعها تذكرنا بما قاله عمنا المتنبي "ولكنه ضحك كالبكاء"، الأحزاب تريد أن تعطي للعالم انطباعا بأننا دولة ديمقراطية، مع أن جميع الخيوط في اليد اليسرى للجارة الأرجنتين.
لا تريد الأحزاب المتنفذة للمواطن العراقي حتى تخيل رئيس وزراء يلبي مطالب المحتجين ، ولذلك لا تؤخذ الكراسي، إلا غلابا مع الاعتذار لأمير الشعراء أحمد شوقي، الذي ظل يذكرنا "وما استعصى على قوم منال.. إذا الإقدام كان لهم ركابا "، فالمطالب الحقة لا تؤخذ بالتمني ولكن تؤخذ غلابا.. بإصرار الشباب على أن لا يتركوا ساحات الاحتجاج قبل تحقيق حلمهم "أريد وطن" ، ولهذا يا أصدقائي في ساحات الاحتجاج عليكم أن تبقوا مشاغبين، وأن تتمسكوا بحلمكم بقوة، فهو طريقكم الوحيد لكي ننجو من الغرق في رمال القوائم العابرة للطائفية.
اليوم نشعر جميعاً أننا وسط حلبة مصارعة نتلقى فيها الضربة تلو الأخرى دون أن يلوح في الأفق أي تغيير في ميزان القوى لصالحنا؟ هل نصمت وننعزل، أم ندفع أعمارنا في البحث عن وطن بوسع احلام الاجيال القادمة ؟.. إنها محنة السيسسي الذي يعتقد أن حماقة الطائفية هي طوق النجاة الأخير، اليوم المواطن العراقي ومن ساحات الاحتجاج يعبر على جثة الاصطفاف الطائفي، لانه ادرك أن التغييرالحقيقي الذي يستحقه لا يعني تغيير السلطة، أو وجوه الحاشية، أو استبدال جماعة طائفية، بأخرى اكثر طائفية. التغيير اختيار رئيس وزراء جديد ، بقدر ما هو تفكيك بنية طائفية ترى في كرسي الحكم حقا شرعيا، وهذا لن يتم بمجرد تنظيف الواجهات، بينما يبقى العفن يحتل أركان الوطن، ويعيد إنتاج الفاشل كل مرة بوجه جديد .
جميع التعليقات 1
Anonymous
أحسنت