علي حسين
عزت الشابندر المتدرب في كواليس السياسة، والقافز من ناطق باسم كتلة علاوي إلى ساعي بريد لكتلة المالكي، وجد مَخرجا مضحكا لأزمته عندما أصبح ماكيرا لعادل عبد المهدي يجمله وقت اللزوم ،
حيث أخبرنا قبل يومين أن استقالة حكومة عادل عبد المهدي، لن تنهي الأزمة في البلاد، مضيفا، كعادته حين يكون قد قبض ثمن كلامه، أن عادل عبد المهدي لم يكن سببا في المشاكل. الشابندر مصر على المضي قدما في "تسميم" حياتنا بكل ما أوتي من قوة ووسائل مشروعة وغير مشروعة، وطرق مستقيمة وملتوية ليحرق ما تبقى من مساحات الأمل في نفوس الناس.
بالتأكيد فإن أحاديث الشابندر الكوميدية لن تصمد أمام أول مناقشة جادة حول مشروع "حكومة" عادل عبد المهدي الذي يريد هو الآخر إثبات أن حكومته لها أفضال على العراقيين، وبصرف النظر عن أن تفاصيل مثل هذه الأحاديث التي تعج دوما بكلمات أشبه بداء "التأتأة" الذي أصاب معظم سياسيينا، فالناس تدرك أن هناك حالة مستعصية من العوق السياسي وتعطل الحواس أصابت الحكومة والمقربين منها.
الشابندر إذن لا يهمه تأسيس سلطة دولة مؤسسات، لكنه يسعى مثل غيره من مقربي أصحاب الفخامة إلى تأسيس قانون لمصادرة البلاد، واعتبارها غنيمة تطبيقا للقول المأثور لقائدهم "بعد ما ننطيها"، وهذا يتطلب استعادة صورة الدكتاتور، لنجد أنفسنا أمام جملة أثيرة تتردد هذه الأيام، تقول: "نحن بحاجة إلى سلطة قوية".
قوية على من؟ على دول الجوار التي تعبث بالبلاد؟، على الأمريكان الذين جعلوا منا فئران تجارب لديمقراطية الشرق الأوسط؟، أم على عصابات القتل وسارقي المال العام؟، لكن يبدو أن مفهوم السلطة القوية يعني الاستئثار بالبلاد كاملة .
ألم يخبرنا الشابندر بأن "كل من يقول إن الدستور هو المرجع لحل المسائل العالقة ليس دقيقا، حيث أن الدستور لم يسعف أحدا". فيما كان عادل عبد المهدي وفي الوقت نفسه يلقي كل يوم محاضرة عن مفاتن الدستور.
تصريحات تريد أن تدخلنا في متاهة لامتناهية، مع قصف عنيف تقوم به قوات مكافحة الشعب لكل متظاهر يريد أن تتغير حال البلاد.
تعلمنا السياسة أن هناك فرقا كبيرا بين الموقف المؤسَّس على صدق النوايا، وبين أفكار مرتزقة الكراسي، وطبيعي أن يختار البعض طريق تخوين الآخرين وإقصائهم، لأنها الأسهل في الحروب التي تقودنا إليها جماعة تريد أن تسيطر على البلاد من خلال تحقير الجميع واعتبارهم خونة وخارجين على القانون.
عبد المهدي ومن معه لا يهمهم تأسيس سلطة لدولة يحكمها القانون، ولا يهمهم أن تكون مؤسسات الدولة قوية ومعافاة، لأنهم لا يعرفون أصلا أن بناء الدولة لا يحتاج إلى استعراض عضلات، ولا لمطاردة شباب الاحتجاجات وقتل المئات منهم .