TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > القراءة المعرفية عند محمد عابد الجابري

القراءة المعرفية عند محمد عابد الجابري

نشر في: 7 مايو, 2010: 04:33 م

 د. عامر عبد زيدالحديث عن منطلقات هذه القراءة التي نقدمها  ونحاول من خلالها  إن نعرض إلى إشكالية القارئ بوصفه يشكل مركزا يحاول إن يبحث عن حاجاته في النص المقروء بحثا عن بينة الغياب.لكن هذه القراءة ليست فريدة بل أنها موجودة في منطلقات مفكرين
عرب سبقوا الجابري وان اختلفوا معه في المنطلق والمنهج إلا أنهم يشتركون ويتداخلون بل إن قراءة الجابري تمثل اتصالاً بتلك القراءات السابقة، التي اتخذت من المعرفة (الابستملوجيا) نأخذ لقراءة ابن رشد، أنها قراءة تنطلق من حاجة معاصرة إلى عقلنة وعلمنة المشروع المعاصر الذي جاء فعل التثاقف مع الآخر الذي قدم تصورا علمانيا أعاد بناء الترابية بين الإنسان والله من جهة والإنسان والعالم من جهة وقد أعطى دورا كبيرا للإنسان باعتباره مركز الكون ومقياساً لما يحيط به، وهذا معاكس للتصور الإسلامي القائم على اتخاذ الله الفاعل الأول والمصدر الأول للوجود والمعرفة فهناك مثلا اختلاف بين الإعلاء المسيحي والإعلاء الإسلامي أو اليهودي (إن تجريد مفهوم الإله وإعلائه عملية ثقافية تالية وليست أولية فاعلة. فالإعلاء العلماني هو مفهوم ترانستدنتالي في الأساس، إما الإعلاء التاريخي في اليهودية والإسلام، فلم يكن أبدا أبعادا للإله عن العالم، وإنما تنزيه من مدنس العالم. إعلاء يعطيه صفة كونية بلا تناقض.. إن الإعلاء الإلهي الإسلامي هو إعطاء بعد للقوة الربانية ولسيطرته المطلقة على العالم … ومع هذا ينشغل هذا الإله بمشاكل البشر اليومية، ويضع الحدود ويقيم الشريعة، وله ملائكة وقديسون وأولياء(21) أي انه جمع بين كونه مجرد ترانستدنتالي وفي نفس الوقت موجود في الواقع. وهذا أعطاه دورا فاعلا في الكون والمجتمع معا.بالمقابل أصبح الإله في التصور العلماني خارج الواقع متعالي وبالتالي أصبح للإنسان الدور الأول في حياته لا مسافة بينه وبين الوجود، هذه العلمانية التي تمثل مرجعية يحاول الفكر العربي المعاصر إن يستعين بها في بناء تصور علماني إلا انه يحاول إن يتخذ من ابن رشد باعتباره شخصية داخل التراث الإسلامي أي انه يمنح تلك الأفكار العلمانية شرعية المرور إلى الواقع الإسلامي لأنها تملك جذوراً في نصوصه التي كانت تمثل نوعا ناضجا من العقلانية استثمرها الغربيون في الرشدية اللاتينية في بناء فصل بين الدين والدولة.ويحاول أصحاب القراءة الابستمولوجية إن يوظفوا هذا في استثمار الموروث الليبرالي الغربي في بناء عقلانية عربية معاصرة عبر التجذير لها في التراث وهذا هو جوهر القراءة التي نبحث عن الشرعية لهذه الأفكار.وهكذا حاولت تلك القراءة إعطاء ابن تأصيل عقلي ارسطي وجعله مختلفاً عن الاتجاه الذي تمثله الافلاطونية المحدثة ونقد للفكر الفلسفي الإسلامي. وهذا أمر مشترك بين ممثلي هذه القراءة ماجد فخري ومحمد عاطف العراقي ومحمد عابد الجابري في سعي هؤلاء إلى تقديم ابن رشد على انه اقرب إلى الروح الارسطية من باقي الفلاسفة المسلمين. ونحن هنا إزاء قراءته لابن رشد.محمد عابد الجابري ”لحظة ابن رشد”:يقدم لنا عابد الجابري تحليلا لفلسفة ابن رشد في كتابه الأول نحن والتراث، ضمن أفق الإشكالية المغربية وتعارضها منع إشكالية المشرقة لقد جرت العادة على التمييز في العالم الإسلامي بين المشرق والمغرب وهذا التمييز بنظر” عابد الجابري” يعود إلى الفتوحات الإسلامية الأولى ويعكس واقعا تاريخيا وسياسيا وثقافيا أكثر مما يعكس واقعا جغرافيا محضاً (22). وهكذا فان المدرستين المغربية والمشرقية هما مظهران أساسيان ومتمايزان من مظاهر العقلانية في الإسلام بل يمكن عدها اتجاهين عقلانيين، وليس فقط متمايزين، بل متناقضي الاتجاه:العقلانية الرشدية واقعية والعقلانية الفارابية السينوية عقلانية صوفية. ومن المعطيات في هذا الأمر:الفصل بين الدين،والفلسفة على إن لكل منهما مجاله الخاص، وطريقته الخاصة،والنظرة الاكسيومية(23). إلى كل من البناء الديني،والبناء الفلسفي، النظرة التي تحرص دوما على ربط القضايا، بمنظومتها الفكرية الأصلية.تأكيد العلاقة السببية في عالم الطبيعة، وعالم ما بعد الطبيعة سواء بسواء وفهم حرية الإرادة البشرية ضمن الضرورة السببية، وربط هذه الحرية بالعلم بالأسباب.الميل إلى نوع عقلاني خاص من وحدة الوجود، يعد الإله قوة رابطة بين أجزاء الكون، وظواهر قوة روحية هي في إن واحدة مندمجة في الكون ومتعالية عليه (24). وهكذا يعرض عابد الجابري إلى مفهوم القطيعة ويرصدها في تغيير الإشكالية التي تقوم على الفصل بين الدين والفلسفة لدى المغاربة عكس إشكالية المشرق القائمة على التوفيق بين الشريعة والفلسفة، فالقطيعة كانت لدى مشيل فوكو الانفصال لا يعني شيئا آخر سوى انه قد يحدث أحيانا في خلال  سنوات عدة إن تكن ثقافة ما عن التفكير على النحو الذي درجت عليه حتى تلك الآونة لكي نشرع في التفكير في شيء آخر وعلى نحو آخر. وعلى هذا يرى عابد الجابري انه إذا كان لابد من إعطاء معنى للمفاهيم التي نوظفها هنا فيجب استخلاصه من السياق أي من الفضاء الفكري الذي نستعلمها فيه. إما المعنى الذي يعطيه لها إطارها المرجعي الأصلي فيجب إن يؤخذ بوصفه دليلا فقط

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram