TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كواليس: مسرح المقهورين

كواليس: مسرح المقهورين

نشر في: 9 ديسمبر, 2019: 08:08 م

تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.

 سامي عبد الحميد

يقدم مسرح (اغيتبروب agitprop) السياسي قضايا اجتماعية ملحة من وجهة نظر أحد أنصاره عبر تقنيات بلاغية جريئة تهدف إءعلام وتحريك جمهوره. وقد نشأ مصطلح المسرح التحريضي في روسيا عن قسم التحريض والدعاية في الحزب الشيوعي السوفيتي عام 1920 واستخدم استذكاراً للمراحل السابقة ، وحين قام مسرح التحريض السوفيتي بواسطة فرقه بالنرويج لسياسة الدولة ، فإن نظائره في المسرح الغربي عالجت قضايا امتدت من النشاط الصناعي الى شرعية الاجهاض والتمييز العنصري وفي الغالب من وجهة النظر الماركسية . وقد تجولت الفرق المسرحية بشكل واسع مقدمة عروضها في الاجتماعات السياسية وفي الشوارع وفي الساحات العامة. كانت عروض المسرح التحريضي قد تمر تركيبتها كسلسلة من المسودات الصورية الضاربة والمحركة بسرعة والمستندة الى مرجعيات من الأخبار المحلية والموضوعية وبوضوح. فقد كان المسرح التحريضي مصاناً بالأغاني وبالشعارات وبالاناشيد الجمعية وباللوحات البطولية وبالتشخيصات التهكمية وبالملحقات الرمزية وبالازياء وبالمواجهات المباشرة وبمشاركة الجمهور . وحاولت مجموعاته أن تجمع ما بين التقاليد الشعبية الوطنية والتجارب الطليعية . وكان ظهور الفاشية والاستقرار الاقتصادي من أبرز موضوعات المسرح التحريضي خلال الحرب وساهم المسرح التحريضي في خدمة النشطاء السياسيين ابتداءً من معارضي الحرب في فيتنام ومروراً بتظاهرات حقوق الانسان ووصولاً الى حملات التوعية بأضرار مرض الآيدز واستمر المسرح التحريضي في البلدان المتطورة والغنية في توفير وسائط تعليمية خلال حركات الأزمات واحداث التغيير .
كان (مسرح المقهورين) قد تفرع عن المسرح التحريضي وقد تم تصميم ذلك المسرح لتشجيع الجمهور لأن يكونوا مشاركين في العمل المسرحي وتحويل الروابط بين المشاكل الاجتماعية – الثقافية الى دراما تتعرض إلى الضغوط السياسية والاقتصادية والضغوط الذاتية والداخلية . وقد تم تطوير مسرح المقهورين بواسطة البرازيلي (اوغستوبوال) بالتعاون مع مشاريع مسرحية ومجتمعية منذ السبعينيات من القرن الماضي ، ومنذ ذلك الحين فإن مثل هذا المسرح يقدم عروضاً في سبعين دولة من دول العالم . وتم استيعاب الأنظمة الاولية لمسرح المقهورين في أجواء الدكتاتوريات السياسية من أجل ايجاد منافذ للتحرك الاجتماعي والاحتجاجات ، وقد طوّر (بوال) تنوعات أخرى لمسرح المقهورين على أساس مسرح المنتدى او المناظرة الذي يعتمد على ارتجال الممثلين مشاكل عامة في المجتمع تم إعادة تقديمها بمشاركة افراد من الجمهور وصولاً إلى الحلول . عند عودته الى البرازيل بعد نفيه إلى أوروبا عام 1979 أوجد ما سماه (شرطي في الرأس) حيث تم التركيز على الضغوط الداخلية للانسان والقهر النفساني لغرض استخدام التشفير الشرعي لحقوق المواطن ومسؤولياته .في العراق ظهر المسرح التحريضي بوضوح في مسرحيات الراحل يوسف العاني مثل (ماكوشغل) و(تؤمر بيك) ثم في (المفتاح) و(الخرابة) المسرحيتين الملحميتين اللتين تحرضان ضد الاستعمار وضد الحروب وضد الاستغلال وضد الإيمان بالخرافة والاعتماد عليها في الوصول إلى الحياة الأفضل . وكان لقاسم محمد دوره في تقديم مسرحيات تحريضية ونخص بالذكر منها مسرحيته الشهيرة (بغداد الأزل بين الجد والهزل) ومسرحياته المترجمة عن مسرح دراغون اللاتيني (الرجل الذي صار كلباً) و(مرض أسنان) و(حكاية صديقنا بانجيتو) وكلها تحرض الجمهور على الوقوف ضد الأنظمة القهرية التي لا تعطي للإنسان أبسط حقوقه في العيش الكريم . وكانت مسرحيات فلاح شاكر (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) و(في أعالي الحب) و(مائة عام من المحبة) أمثلة للمسرح التحريضي حيث تثير جمهورها للوقوف ضد الحرب وما تحدثه من كوارث . والمسرحيات الثلاث تتعرض لأسرى الحرب وعودتهم إلى وطنهم بعد أن ظنّ أهلوهم بأنهم استشهدوا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram