علي حسين
نحن بصدد أداء أرعن وأخرق تمارسه "شلة" الناطقين الذين لم تهتز ضمائرهم لمقتل عشرات الشباب، فقرروا أن يواصلوا خداع أنفسهم بأن ما جرى هو معركة بين المتظاهرين، مثلما غرد " كبيرهم " عبد الكريم خلف..
ومرة أخرى نحن بصدد أداء يفتقر إلى الضمير والوطنية يمارسه عادل عبد المهدي الذي صمت على مجزرة السنك والخلاني، وكأن الأمر يجري في بلاد أخرى.. تخيل أن مثل هذه الجريمة البشعة تحصل في بلد تعداد قواته الأمنية يقارب المليون، ينتشرون في شوارع بغداد التي حولوها إلى غابة من السيطرات، لكنهم وبأوامر عليا غضّوا البصر عن جماعات مسلحة قررت أن تجري حفلة دموية بمرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية التي أخبرتنا من قبل أنها أحاطت مكان الاعتصامات بخمسة حواجز أمنية.
مرة أخرى: لم يبادر مجلس النواب بعقد جلسة طارئة لكي يعرف ما الذي يجري على بعد كيلو مترات قليلة عن مقره، لأنه ببساطة يريد استشارة أولي الأمر في الأرجنتين! .
لذلك لا يبدو غريبا أن تراق دماء عشرات الشباب دون أن تهتز مشاعر أولئك الذين يقولون إن ما يجري في ساحات الوطن هو مؤامرة إمبريالية.. بل إن البعض لا يخفي سعادته وشماتته لمجرد أن الضحايا من شباب الاحتجاجات.
دم فى بغداد، وآخر يسيل فى كربلاء ، واستهداف للشباب في النجف وذي قار ، وفى المسار ذاته تندفع فضائيات احزاب السلطة لتتحدث عن شباب الاحتجاجات بأحط العبارات عدوانية وعنصرية.
إن نظرة سريعة على نوعية الأخبار والتسريبات التي نشرت في فضائيات أحزاب السلطة وفي مواقعهم الإلكترونية ومن خلال جيوشهم الإلكترونية تنبئ بأن هناك سيناريوهات رعب جاهزة لفض الاعتصامات، فحين تطالع أخبارا من نوعية ضبط قنابل ورمانات في ساحة التحرير، والتأكيد على أن المتظاهرين يهددون سلامة الدولة.. والإلحاح على تصوير المعتصمين بأنهم خارجين على القانون ومجموعة من المارقين والأعداء للدين، فيما يتم تناولهم باعتبارهم العقبة الوحيدة أمام استقرار البلاد وتقدمها، ، فإنك حتما ستجد نفسك في مواجهة سياسيين ومسؤولين لا يؤمنون بأنّ لهذا الشعب قدرة على الاحتجاج، وغير معنيين بهموم الناس، ويصرون على أن الدنيا ربيع ، لولا المؤامرة الأميركية!.
قُتل الشباب في السنك والخلاني بدم بارد وحتماً انتشى القتلة وتفاخروا وهنّأ بعضهم البعض، فالأصوت التي أصرّت على أن تكون عالية وواضحة وجريئة، أُخرست برصاصات في الجسد، لكنهم نسوا أن الشباب باقون وسيغيّب جميع القتلة.
إنّ ما جرى في السنك هو جريمة كاملة، وستبقى عاراً يلاحق مرتكبيها ومَن فوّضهم، لكنها ستبقى يوماً مشهوداً يؤرّخ له بأنه اليوم الذي غاب فيه ضمير الرئاسات الثلاث ومعها القضاء ، فلم تعد مناظر القتل والاختطاف والتعذيب تثير مشاعرهم، مثلما يثيرها لمعان الكرسيّ.