ترجمة : عدوية الهلالي
في روايته الجديدة ( الكارثة ) ، يغوص الكاتب الفرنسي رومان سلوكومب في لجة هزيمة حزيران عام 1940 ،
وفي الوقت الذي يرى فيه بعض النقاد ان المآسي الكبار تعيش بالضرورة عبر الدراما ويجد كل منا فيها ذاته وميوله الخطيرة او المفرحة اوالمقلقة فأن رواية ( الكارثة ) تجسيد لذلك ، حيث سنرى فيها فرنسا المنهارة واليقظة في الوقت ذاته خلال احداث عام 1940 وحيث سنشعر وقتها وكأن الزمن توقف عند لحظات الهياج تلك ..
كانت فرنسا تتشبث بتاريخها الى ماقبل الف سنة فتظن انها ستظل خالدة لكن ماحدث وقتها اثبت انها كانت مخطئة ، فقد تراجعت وانهزمت ببساطة مثل صبي طائش وارعن امام تقدم هتلر الذي احتلها بسهولة بالغة .
امتدت الكارثة مابين 10 الى 18 حزيران وانتهت بفرار أهل باريس باتجاه لالوار حيث كان من المؤمل ان يؤدي تكدس المدرعات وجحافل المشاة الى ايقاف العدو ..كان يمكن رؤية عشرات الالاف من المركبات والدراجات والعربات تتكدس في المدن لا لتقاتل بل لتحمل الهاربين من الجحيم ، كما غاب طيران الجيش وفر جنرالاته الستة الى الجزائر ..وعلى ارصفة الموانيء ومحطات القطار ، تجمع الاف الهاربين دون جدوى بينما كان يمكن رؤية القطار الخاص بالمسؤولين وموظفي الدولة الكبار وهو ينقلهم وزوجاتهم واولادهم بعيدا عن الخطر ..
فجأة ، يتفجر غضب البعض ، وتندلع احداث شغب ، خاصة وان موسوليني الذي وصفه المشاغبون بالمهرج كان على وشك ان يعلن الحرب هو الآخر ، في الوقت الذي اعتبر الاثرياء في جادة ايلاو كل ماحدث انقلابا على الحكم ، لذا بدأوا يتكديس الدراجات والاواني الفضية والفراء والاوراق المالية والخدم وهم يتلمسون طريقهم للفرار من البلاد ...وفي غضون اربع ساعات ، سيمكنهم بلوغ اورليانز ..
تصور الرواية حالة بلد في وضع ميئوس منه ، على الرغم من صمود العديد من الجنود الفرنسيين بعد هربهم وتخندقهم في مناطق اخرى ومحاولتهم انقاذ شرف فرنسا ببنادقهم ، لكن الجيش الفرنسي سيفقد 92,000 رجل في خلال شهرين فقط ..سينتشر النازيون وتخضع القصور للنهب ، وستسود الفوضى ويصبح الجميع مهووسين بالخوف من ( الطابور الخامس) لأن وشاية صغيرة يمكن ان تجعل من اي كان خائنا و تتسبب باعدامه ..
يلاحق سلوكومب في روايته الصادرة عن دار روبرت لافون للنشر في 528 صفحة، مسيرة اسرة ثرية وعميد مدفعية وعارضة ازياء جميلة ومحامي فاشي وزوجته ، اذ يلتقي الجميع ضمن الاحداث فيحتكون ببعضهم ويتوحد مصيرهم في نية الفرار من زوبعة الحدث الذي ربما يقودهم الى الهاوية ..ولايحكم سلوكومب على أحدهم دون الآخر بل يظهرهم جميعا ضمن أمة تمر بوضع عصيب ويائس ..وتستمر الكوميديا الفرنسية وتتحول الرواية الوطنية التي اعاد سلوكومب كتابتها لعدة مرات الى رواية سوداء ..