عامر القيسي
الهدف المركزي للصلاح والتغيير الذي يرفعه شباب ثورة اكتوبر المباركة " ارحلوا جميعاً " والمقصود طبعا ، الطبقة السياسية الرثة والنهّابة والقاتلة ،
التي أودت بالبلاد والعباد الى كل هذا الخراب ، وفتحت أبواب الطرق المجهولة بسبب تعاملها العنفي المبالغ فيه مع حركة الاحتجاجات والتي أدت الى أكثر من 500 شهيد ونحو 15 ألف جريح غالبية اصاباتهم خطيرة .
وقفزاً على هذه الحقيقة الجلية والواضحة المعالم ، يريد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أن يظهر بمظهر الحمل الوديع والمهدئ والعازم على تبني شعارات التغيير من ساحات الحرية والانتفاض !
لكنه بسبب الغباء السياسي ، يقدم أنصاف حلول أو حلولاً ترقيعية أو التفافاً على مطالب الثوار في ساحاتهم ، فيسلق لنا سلق البيض مقترحات مشاريع للانتخابات والمفوضية ، يتمسّح بها شباب ساحات التحرير ، وكيف لايفعلون ذلك وهو العازم على تمرير قانون انتخابات محجوزة نصف مقاعده للطبقة السياسية المرفوضة من شباب حركة الاحتجاج الواسعة والتي قدمت وتقدم الضحايا على مذابح الحرية والتغيير التي ينشدونها .
ومن فرط هذا الغباء ، يعتقد الحلبوسي ، إن تمريراته الجديدة تشبه التمريرات السابقة حين كان مع جوقة صفقاته ينفردون بها بالقرار التشريعي في البلاد ، وهو على مايبدو غير مدرك أن القرار انتقل الى ساحات اخرى ، هي ساحات الخيام التي نصبت لأجل اقتلاع طبقة الفساد والقتل هذه وهو ليس بمنجى منها !
ويشتغل الحلبوسي ، الذي جاء بصفقة محاصصة أزكمت الأنوف ، في الوقت بدل الضائع ، محاولاً الخروج بمنجيات وضعه السياسي والشخصي معا باستعراضات بهلوانية من منصة البرلمان والزيارات الفضائحية التي يعتقد انها قد ترمي له بطوق النجاة من أمواج التغيير التي تتهادى خطوة خطوة بنجاح وثبات .
ومثلما نصحنا السيد عادل عبد المهدي بالاستقالة مع بداية حركة الاحتجاجات ، وقلنا أن حاضر الحراك غير الذي سبقه ، وإن عليه أن يحفظ ماء وجهه وأن لايتحمل وزر الدماء التي ستسقط ، لكن الرجل أصر على الوصول الى المرحلة التي تم فيها طرده من المنصب دون أسف ولا حسرة تلاحقه صرخات الضحايا وتنتظره سوح القضاء الشعبي العادل !
واليوم نقدم النصيحة نفسها للسيد محمد الحلبوسي ، ونقول له إنه قد تلمّس بكل حواسه ، كيف أن شعار " نزع السترة " لم يهضمه الشباب فأعادوها له ، بل ألبسوها إياه مرّة أخرى وقالوا له بالحرف الواحد :
ارحل ...
حقيقة ينبغي أن يفهمها الحلبوسي وكل الطبقة السياسية التي أحكمت قبضتها على البلاد والعباد طيلة ستة عشر عاماً مخزونه في ذاكرة العراقيين ، بالعنف والطائفية واللصوصية وبيع الوطن كخردة للمشترين الواقفين على أبوابه بل داخل حدوده ، حقيقة أن وجودهم لم يعد مرغوباً فيه ، وإن حركة الاحتجاجات نزعت عنهم كل " الشرعية " التي يتشدقون بها ويقنعون انفسهم بها ، وإن عليه وعليهم اتخاذ القرار الصحيح بمغادرة ساحة الخراب الذي صنعوه باياديهم وتركها الى الشباب المنتفض الذي صنع في ساحة التحرير انموذجاً للدولة المواطنية القادمة ، ففي ساحات التحرير تم القضاء المبرم على المرحلة السوداء التي وضعوا البلاد فيها !
نعم نصيحة نقدمها للحلبوسي بأن يلملم أوراقه ويرحل ، بانتظار قرار الشعب العادل بمحاسبة كل هذه الطبقة ، فراداً وجمعاً ، على كل الخراب الذي سببوه للبلاد بالنهب المنظم وضياع الوطن والدم الذي سال في ساحات وطرق وازقة البلاد !
ليس أقل من الرحيل للحلبوسي وأشباهه ، كي ينظر قضاء الشعب القادم ، على الأقل بالنظر بعين الرحمة على آخر قراراتهم بمغادرة مواقع المسؤولية التي لم يكونوا على قدرها وحجمها ، وإفساح المجال لعهد وزمن عراقي جديدين !