علي حسين
لم يتبقّ لنا ونحن نشاهد النهاية "التعيسة" لبرلمان "أهل المحابس والمدس"، سوى أن نشكر كلّ الكومبارس من النواب والسياسيين الذين أدّوا أدوارهم بكلّ مهنية وإخلاص،
وساهموا بتقديم نهاية ممتعة للمسلسل الدرامي الطويل "حكومة عادل عبد المهدي ". هكذا سيسدل الستار بفضل تضحيات الشباب وإصرارهم على صفحة ساخرة من تاريخ العراق، وإذا أردتَ عزيزي القارئ أن تعرف عمق المأساة التي وصلنا إليها في زمن "عادل عبد المهدي" إبحث عن رئيس الوزراء الذي استنكف أن يخرج على العراقيين بالتعازي لهم على مقتل العشرات في مذبحة السنك والخلاني، وليشكرهم في المقابل لأنهم تحملوه خلال إثني عشر شهرا عجافا! ومثلما اختفى عادل عبد المهدي، توارى عن الأنظار أكثر من ثلثمائة نائب ونائم، وجدوا أنّ حضورهم جلسة مناقشة ما جرى خلال الأيام الماضية، وتقديم الشكر للشعب الذي وضعهم على الكراسي ونقلهم من البؤس إلى مصاف أصحاب الثروات، أمر لا يستحق العناء.
برلمان ومؤسسات جكومية سيطر عليها الانتهازيون من غير أن يقدموا أي خدمة لهذا الشعب، كأنما الإنسان في هذه البلاد لا مقياس له سوى الموت والدمار وسرقة احلامه ومستقبله. كأنما لا حقّ للمواطن العراقي في برلمان يحترم الشعب. كأنما يليق بهذا البلد أن لا يظهر به ساسة إلّا من وزن عالية نصيف ومحمد الكربولي، شعب لا يملك الحق في محاسبة رئيس البرلمان على التخبط والعشوائية وغياب مصلحة الوطن والمواطن.
أكرّر مرة أخرى، أنّ أفدح خسائرنا في السنة الماضية من عمر الحكومة والبرلمان هي أننا عشنا مع سياسيين ومسؤولين لا يملكون ذرة إنسانية ولا نبل ، فصار المواطن بالنسية لهم مجرد ورقة انتخابية استغلها برلمان كسيح مارس الدجل والخداع!
ولهذا يريد منكم عادل عبد المهدي اليوم أن لا تُظهروا حزناً على هذه الدولة التي تحولت إلى جمهورية أحزاب وقبائل وطوائف، والتي ترفع فيها الاحزاب " المسلحة شعار: " نحن الدولة والدولة نحن .. نحن القانون والقانون نحن.. نحن فوق القانون والدستور والمحاسبة والقضاء.. اصمتوا حتى نرضى عنكم، ونسمح لكم بالحياة، وإلا فالكواتم والسكاكين جاهزة "!!
عام 1968 قامت ثورة الطلاب في فرنسا ضد ديغول الذي صنع النصر لبلاده، لكنّ صوت الشعب كان أقوى، ليذهب في النهاية الرجل الذي أسس الجمهورية الفرنسية الحديثة، إلى معتزله في الجنوب يكتب مذكراته بفرنسا أكثر قوة وأماناً، وبسهولة أسقط البريطانيون بطل الحرب العالمية الثانية تشرشل، فلا قدسية لأيّ مسؤول ،لا صوت يعلو في الديمقراطيات الحقيقية على صوت الشعب، وأرجوك لا تسألني عن ديمقراطيتنا التي أقلقت نوم عادل عبد المهدي ، فجعلته يسهر حتى التاسعة ليلاً !!