د.علي الهاشمي
يبقى الاتحاد الدولي لكرة القدم بلجانه المختلفة خلية نحل دائمة الاستمرار للبحث عن كل مايخدم كرة القدم من مقترحات تأخذ طريقها الى الحوار من قبل مختصين قبل ان يميط اللثام عنها لتجريبها وأكتشاف ما يرافق تطبيقها من سلبيات تمهيدا لتعميمها على الاتحادات المنضوية تحت لوائها .
وآخر هذه التطبيقات الحكم المساعد الذي يرمز له اختصاراً (VAR) وتسميته الكاملة (The Video assistant referee ) حيث وقد لاقى هذا التطبيق قبولاً من البعض ومعارضة من آخرين ، وكان أول المعترضين عليه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق بلاتر ، بينما أكثر المتحمّسين لتطبيقه رئيس الاتحاد الدولي الحالي انفانتينيو ، وبرغم كل ذلك أخذ طريقه للتطبيق في دول معينة منذ بداية عام 2010 في الدوري الهولندي وتبعته دول أوربية أخرى واستخدمت هذه التقنية بشكل رسمي في كأس القارات عام 2017 وفي كأس العالم تحت سن 20 وأقرّ مجلس الاتحاد الدولي استخدام VAR بشكل دائم عام 2018 .
تقوم تقنية VAR على وجود أربع كاميرات في الملعب تنتشر وتصوّر بزوايا مختلفة ومتعددة ترتبط بغرفة في الملعب ، يعمل عليها ثلاثة أشخاص فقط لا يسمح لغيرهم بدخول هذه الغرفة وهم مشغل الفيديو وشخصان حكم وحكم مساعد يشترط فيهما إما أن يكونا حكاماً سابقين أو حكاماً حاليين تقع على مسؤوليتهم تحديد الأخطاء التي تحدث أثناء المباريات او تلك الحالات التي لا يراها الحكم وتكون سبباً في تسجيل هدف غير صحيح أو توقفت الكرة فوق خط المرمى أو أخرجها المدافع بعد اجتيازها خط المرمى أو لمسة يد تسببت في تسجيل او اعتداء لاعب على آخر باستخدام الأيادي أو لفظياً أو عن طريق الايماءات وغيرها وبمجرد أن يضع حكم الساحة يده على سماعة أذنه المرتبطة بغرفة VAR يشعر اللاعبون والمتفرجون بأن هناك خطأ قد حدث تم تنبيه الحكم حوله وعليه أن يوقف المباريات للذهاب الى شاشة وضعت خصيصاً له ليرى الحالة من مختلف الزوايا ويقارن بينها وما إتخذه من قرار فقد يتراجع عن قراره ويلغيه أو لا يتراجع ويستمر اللعب كما كان مقرراً له.
القرار أولاً وأخيراً للحكم الذي قيل عنه سابقاً سيّد الساحة بلا منازع ، لكن هناك حالات يجب أن يأخذها الحكم بعين الاعتبار للتحقّق من صحّة الهدف أو إذا ارتكب لاعب خطأ أثناء تسجيله الهدف كلمس الكرة باليد مثلما فعلها مارادونا بأن أهدى لبلده كأس العالم لكرة القدم 1986 بلمسة يد لم يتمكن الحكم من رؤيتها ولو كانت هذه التقنية موجودة حينذاك لتمّت معاقبة مارادونا .
وكذلك العودة للتقنية في حالة هناك شك في ركلة الجزاء ، والحُكم على لاعب يستحق الطرد او الانذار وفي حالة اخرى للتأكد من هوية اللاعب الذي يستوجب البطاقة الصفراء في حال الالتحام بين اللاعبين ولم يتمكن الحكم الحسم في أيهما ارتكب الخطأ .
لم يكن تصريح سكرتير الاتحاد الدولي لكرة القدم موفقاً عند وصف تقنية VAR بأنها وسيلة مساعدة للحفاظ على الحكام من الأخطاء ، فالصحيح هي المحافظة على كرة القدم من أخطاء الحكام ومنقذة لهم في الوقت نفسه من سُخط الجماهير ولتحقيق العدالة للفرق المتبارية مقلّلة من الاحتجاجات على قرارات الحكام .
تعتبر تقنية VAR حكم اضافي او حكم مساعد يحتكم اليها بدلا عن فكرة كانت تدور في اذهان بعض المختصين في الاتحاد الدولي في وجود حكمين في الساحة ولو طبقت هذه الفكرة لغرقت كرة القدم في الاختلافات والتقديرات وفقدت بريقها الذي يشع على الجماهير متعة وجمالا .
إن ما يؤخذ على هذه التقنية الجديدة التي تجبر الحكم للخروج عن المستطيل الأخضر ليشاهد الحالة من زوايا مختلفة ليؤكد قراره او يلغيه كونها تقلل من هيبة حكام كرة القدم وتضعف شخصياتهم المبنية على الثقة بالنفس واتخاذ القرار برغم ان الحالات التي تستوجب الرجوع الى هذه التقنية قليلة جدا وقد لا تستوجب الرجوع الى الشاشة لدى الحكام الذين خبرتهم سوح الملاعب وقادوا مباريات متعدّدة في ظروف مختلفة مقارنة بحكام حصلوا على الشارة الدولية حديثا كما ان التقنية هذه تقلل من متعة الفرح والاحتفال بتسجيل الأهداف من قبل اللاعبين وهذا ما حدث في خليجي 24 في الدوحة عندما احتفل اليمانيون بتسجيل هدف على المنتخب العراقي ولكن (VAR ) أكدت أن الهدف غير صحيح.
وأخيراً لو أتخذ الحكام قرارات على كل الأخطاء المؤشرة من هذه التقنية لانتهت جمالية لعبة كرة القدم ، ويقال دائماً إن الاخطاء هي جزء من جمالية كرة القدم.