علي حسين
كنتُ مراهناً، على أنّ "جهابذة" السياسة في هذه البلاد لن يهتمّوا بفيديو السيدة "أم علي" التي قدمت أبنها العريس شهيدا لقضية الإصلاح في العراق، "وسيشغلون" أنفسهم بخزعبلات من نوعيّة، الكتلة الاكبر، والاصرار على وضع قصي السهيل على كرسي رئاسة الوزراء.
صباح أمس كنتُ أنا وإياكم بالتأكيد نبحث عن عناوين أخبار هذه البلاد، فماذا وجدنا؟ مستشارة التوازن تبكي حال البلاد التي خسرت المليارات بسبب الاحتجاجات، ونسيت السيدة الفتلاوي أن الحكومة التي صفقت لها وصرخت ولطمت، نهبت ما يقارب النصف تريليون دولار عدا ونقدا، وهذا المبلغ كان يغنينا عن التوسل بالصين.
النائب الإصلاحيّ "حدّ العظم" أبو مازن، منزعج جداً لأنّ شباب الاحتجاجات يرفضون مرشح كتلته، فهو لا يزال يعتقد أن بإمكانه توزيع المناصب بالأموال.
من عالمها الكبير في محافظة ذي قار خرجت السيدة "أُم علي" إلى العالم، قبل استشهاد ابنها، كانت تتنقل بين خيم المعتصمين تشد إزرهم، آلت على نفسها أن ترعى كلّ شباب الناصرية المعتصمين، ولهذا وجدناها تقف صامدة وهي تزف ابنها شهيدا.. شهيدا.. شهيدا، لتقول للسياسيين جميعا: "يموت واحد.. يموت مية.. آنا قافل على القضية..هذه قضية العراق لن تنتهي"، لتتحول هذه السيدة إلى أيقونة يرفعها العراقيون جميعا إلى مرتبة كبيرة. ولتقول لالجميع إنّ: "العراق يبقى هو الأهم" . فاستحقت بذلك منّاً أن نسمّيها أُم العراقيين جميعاً .
في العراق، لك أن تتخيّل، يوجد شيء " هلامي " اسمه الكتلة الأكبر، وهي كتلة همية تريد هذه الأيام خلع العباءة الدينية وارتداء "عباءة التغيير والإصلاح"، بعض أعضائها من المتورّطين في التحريض على الشحن الطائفي، وإثارة الفتن، وإطلاق مصطلح "قبيح" اسمه التوازن. مجاميع سياسية تريد أن تقود البلاد إلى الحريق، وتستعجل خراباً يسير على قدمين، طائفية واجتماعية .
أخشى أن يكون البعض قد فهم أن قطار الانتفاضة توقف عند محطة إعلان الكتلة الاكبر ، فالذي يحترم خيارات شباب الاحتجاجات لا يستقيم أن نطلق عليه "الكتلة الأكبر" بأي حال من الأحوال، وإن سياسيين لا يريدون التسليم بأن ما جرى هو ثورة مكتملة، وليست معركة بين مجاميع من الشباب مثلما تصر قناة العراقية على أن توهم الناس كل يوم ، ليس من حقهم ان يقرروا مصير البلاد .
إن هذه العشوائية والانتهازية هي الخطر الأكبر الذي يتهدد العراق الآن، فالدعوة إلى تبني رئيس وزراء من الكتل السياسية التي تسببت في مقتل أكثر من 500 عراقي وجرح الآلاف، من شأنها أن تسهم في اتساع الفجوة بين الشعب الذي أنجز التغيير ، وبين من لا يريدون سماع صرخة "أم العراقيين" .