تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.
سامي عبد الحميد
في اللقاء السادس وكما حدث في اللقاء الخامس قمت بإخراج (عطيل) واعطيت عنواناً جديداً للمسرحية هو (عطيل كما مثلها طباخو نوفوتيل) ومع طلبة معهد الفنون الجميلة، وسمي العرض الذي قدمته في كافيتيريا مسرح الرشيد الذي لم يتم تعميرها لحد اليوم. وكان ذلك قد تم عام 1996 وقد افترضت أن طباخي أحد المطاعم يقررون أن يمثلوا مسرحية (عطيل) في أوقات فراغهم، من العمل مستخدمين بيئة مسرحية جديدة هي المطعم والمطبخ وموجوداتها ذات اللونين (الأسود والأبيض) مثل (الشراشف والأواني والمناديل والقدور والخضراوات) وبدأت العرض بالمشهد الافتتاحي حيث يقوم (ياغو) بتقطيع الباذنجان الأسود ويقوم (رودريغو) بتقطيع البصل الأبيض تمهيداً لإعداد طبخة ضد (عطيل) وقد حفزني مقالة للاديب (مالك المطلبي) نشره في إحدى الصحف عنوانها (عطيل الأسود الأبيض) يعني أن عطيل أسود البشرة أبيض النفس وياغو أبيض البشرة أسود القلب. وكان هناك محفزاً آخر هو مسرحية إنكليزية بعنوان (المطبخ) لكاتبها (ارنولد ويسكر) كنت قد شاهدتها في لندن وفيها حدث رئيس يشابه ما في (عطيل) وبما يخص موضوعة التمييز العنصري.
في عام (2000) قدمت لشكسبير مسرحيته (ماكبث) بعد ان سميتها (طقوس النوم والدم) مستلهماً من مقالة للناقد (يان كوت) وحشرت في ثنايا النص الشكسبيري مقاطع من مسرحيات مختلفة لمؤلفين مختلفين من مراحل زمنية مختلفة تحمل الثيمة نفسها وهي (الطموح غير المشروع يقتل صاحبه) ومنها مقاطع من (كاليغولا) لألبيركامو و(الأمّ كوراج) لبريخت و(عهد الجنون) لخير الدين بابكيري و(الملكة والمتمردون) لغوبيتي . قدمت العرض في ستوديو السينما في دائرة السينما والمسرح وحولته في تصميم المنظر الى ما يشبه باحة في كاتدرائية حيث يسجن جثمان (الليدي ماكبث) ويأتي (ماكبث) ليلقي نظرة الوداع ويستذكر الأحداث من بدايتها.
وكان اللقاء التاسع مع شكسبير قد حدث عام 2013 عندما مثلت دور (الأستاذ –الرواية) في المسرحية التي كتبها وأخرجها ( مناضل داود) بعنوان (روميو وجوليت في بغداد) وقد اتخذ من الخلاف بين عائلتين عراقيتين ومن طائفتين مختلفتين منطلقاً لأحداث المسرحية مغادراً النص الشكسبيرية ومتماهياً مع فكرته . قدم العمل في بغداد وفي مدينة شكسبير (سترادفورد) وفي لندن وفي الدوحة القطرية، وكان المخرج قد أكد في ذلك العمل على ضرورة نبذ التعصب الطائفي الذي قد يقود الى الكوارث.
كان تعلقي بالشاعر الدرامي الكبير (وليام شكسبير) واهتمامي بمسرحياته دفعني لأن أُعدّ بحثاً علمياً بعنوان (العرب في مسرح شكسبير) وقد اكتشفت بأن ذلك الشاعر الإنكليزي قد ذكر المغربي في معظم مسرحياته وتناول شخصيات عربية مثل (عطيل و(امير مراكش) و(هارون) وأشار الى قوة العطور العربية والى طائر العنقاء والشجرة العربية النخلة والجزيرة العربية موطناً لها . وتطرق الى (رفضه الخيل) العربية من شمالي افريقيا وجاء ذكره للعديد من المدن والبلاد العربية – حلب وبابل وطرابلس ودمشق وتونس والجزائر وميسوبوتاميا وميديا وقرطاجة. وذكر حتى نهر دجلة في إحدى مسرحياته .