طالب عبد العزيز
بلغت أيام السنة 2019 نهايتها، وهذه كلماتنا الأخيرة في وداعها، وليس ثمة من أمل يرتسم في الأفق، سوى ما يمكن أن يحققه الشباب في الساحات.
ها، نحن نعقد الآمال طويلات، وسيعات، علناً نبلغ معهم ضفة الحلم. وفي عراقنا هذا، لا يمكن فصل ما هو شخصي عن عام في الحياة، هناك تداخل وتشابك لا يمكن معاينة الواقع إلا من خلالهما. كان الرئيس برهم صالح(الكردي) أكثر عراقية من زعماء الأحزاب الحاكمة(الشيعة العرب)وكانت كلمته تاريخية بحق، لكنه اضطر الى ترك بغداد محتفظاً بحياته ، عن أي بلاد نتحدث؟
قلت لأبدأ بي، لكنني لم أستطع، عندي من الأصدقاء ممن لا طعم لحياتي بدونهم، أعرف بعضهم عن قرب، ويعرفني بعضهم عن بعد، لكنهم أصدقائي الذين أحبهم، فهم يحملونني وأحملهم منذ سنوات على سبعين محملاً، وعندي خصوم لم ألتقِ واحداً منهم، هم خصوم عن بعد، يظنون ظنَّ السَّوء بي، ويكرهونني بسبب معتقد أو فكر أو عرق، وما أنا ممن يجعلون السفاسف هذه نصب أعينهم والله، لكن، ربما نفرتْ كلمةٌ مني هنا أو هناك، أو تحدثتُ بشيء ما فخانتني لغتي، أو أعجزني التعبير، وهذا مما يحمله العاقل على العاقل. لذا، سأطلب العفو منهم جميعاً، فأنا ابن الساعة هذه، وكل ما وقع لي أو وقعتُ عليه بات ماضياً، لا عائد له، أتوسم بالجميع الصفح واللطف، فنحن على بوابة عام جديد، لا نأمل فيه إلا الخير.
وكما في كل عام، تعجز الأيام والأسابيع والشهور ثانية وثالثة عن تحقيق ما كنا نأمله، ونطمح إليه، نحن نعيش في بلاد تكبو خيول الآمال بها دائماً، ولا أحد يعلم ما تدخره لنا السنة الجديدة من الحسن أو القبح، وبحكم وقوع فؤوس السنوات على رؤوسنا، فأن هذا لا يُشكل صدمة لنا، نحن نستمرئ الظلم والحيف القادم إلينا من بني جلدتنا، وهم يتلذذون بلحمنا من أجل أسيادهم، ماذا نفعل لهم وقد نبتت لهم في مؤخراتهم ذيول استعصى على العالمين بترها، هم يهزونها أمام كل وغد وحقير وأجنبي... وها، نحن ننتصر في داخلنا دونما شفاعة من حاكم أو نصرة من ولي.
أنْ تقضي حياتك في الآمال، دونما تحقق تلك هي المصيبة. أنْ تستجير بالشعر فلا تجد ضالتك عنده، تلك هي المصيبة، أنْ تذهب لكأس النبيذ بكل ما أوتيت من حمرة وصفرة فلا تستوي بك على جودي قلبك فتلك هي المصيبة. ترى إلى أين تذهب بعربات قطار عمرك القديمة، وقد تناهبتك المحطات، الى أين تمضي بفسائل صبرك وقد ملأت السباخ والأنهار والمفازات سعفاً وظلالاً؟ أيها الغريب: كل قصيدة في الحب كتبتها خائبة ما لم يتلطف بك خصم، ويصفح عنك صديق، كل كأس رفعتها في سلامة الوطن خائنة ما لم يفهما الأقربون منك. قل للذين لا يعرفونك ما يتوجب على شاعر، فلاح، بسيط قوله:" فأنت صنيعة ماء وأنهار وظلال وقوارب وأشرعة.. أنت سلالة حالمين لا أكثر.