إياد الصالحي
عبثاً حاولتْ أن تتأنق عشيّة الاحتفال السنوي بالدخول في عام جديد ، تترقب آخر لحظات الوداع في الليلة الحابسة لأنفاس العالم قبّالة رقّاص الساعة ، مثل حُبلى بتوأم الحزن والفرح بانتظار الخلاص من التأمّل المرهق لعام أفضل لا شِكاية فيه ولا دموع.
الرياضة العراقية مُتعبة ومثقلة بالهُموم الكبرى قُبيل دخولها العام 20 من زمن الألفية الثالثة ، تعاني الكهولة الإدارية والفنية والنفسية ، وفي نفس الوقت مُطالبة بأن تُجذِّف وترمي وتتلاكم وترفع الثقل وتبارز وتتصارع وتجري سريعاً وتمارس كل الانشطة الأخرى مُقارعة الابطال الحقيقيين الذين يجدون في تحدّيات الأولمبياد صدقية عالية لتنفيذ وعودهم لمسؤولي حكوماتهم للتنافس على ذهب المسابقات ، في حين ظلّت رياضتنا تشكو تفنّن رؤساء اتحادات الأولمبية في تخيّل مبرّرات الاخفاق قبل حدوثه حتى صار الوهم كـ "مفعول منوّم" تحت اليد يُنسيهم تأنيب النفوس بعجزهم!
باتت رياضتنا للأسف مصهر لخُدع مُسلّية لبعض من أوكلت اليهم مهام نقلها من مرحلة الهواية الى الاحتراف في مختلف الألعاب ، هؤلاء بارعون في تأليف قصص البؤس والحرمان عملاً بمقولة الكاتب الأميركي بول أوستر بأن الحاجة للقصص تساوي أهمية الطعام والهواء والماء للبشر ، ويمكن إعادتها ومواءمتها في الزمن المناسب.
أعيدوا شريط احداث الرياضة لعام 2019 ودقّقوا في تفاصيل الهروب العلني من المسؤولية بدءاً من الأولمبية التي دشّنت العام بتحدّيات في القول والفعل على جميع الصُعد المحلية والدولية بأنها ماضية في استقلاليتها المنبثقة من صندوق التصويت وفقاً لميثاق الأولمبية الدولية ولا تأثير للفيتو المزدوج من سلطتي القضاء والتنفيذ على شرعيتها برغم حيازة وزير الرياضة على وثيقة تأريخيه بإمضاء ممثل دولي تفيد بعدم اعتراف الحكومة بالمؤتمر الانتخابي قبل إنجلاء نتائجه ، فماذا كانت النتيجة؟ رضوخ رئيسها المعترف بشرعيته من الحكومة والأولمبية الدولية للعمل ضمن لجنة خماسية وبُطلان شرعية مكتبها التنفيذي الذي قضى الأشهر التسعة متفرّجاً بندمٍ شديد على تمرّد بعض المحسوبين عليه بكل صلافة ضد إجراءات القرار 140 غير آبهين لحُكم القضاء ولا للإجراءات الحكومة متوعّدين بحال أفضل بعد تشريع القانون وتجديد حضورهم مع عدد كبير ممّن اسهموا في إنفاق أكثر من 300 مليار دينار خلال عشر سنوات واهملوا استرجاع أكثر من 15 مليار دينار في ذمّة مستلفين لم يحاسبوا ولم تتخذ إجراءات اصولية بحقهم بذريعة أن إجراء الصَرفْ وقع في زمن سابق!
السؤال الوحيد الذي لن يجيب عليه أي مسؤول رياضي يعي جيداً أنه أهدر الأموال أكثر مما حقق منجزات لا ترقى للطموحات : متى تخجل من نفسك وأنت تستمر بتخريب مقدّرات الموقع عشر سنوات وأكثر مستفيداً من هيئات عمومية تمتلك صلاحيات إنشائية يبرع المشرّعون في تسطيرها ضمن مواد الانظمة واللوائح بلا فاعلية تساوي بين حرية التصويت ومؤهلات المرشّح ومدّة عمله؟ من غير الممكن أن يستمر تواجد اناس وضعوا كل خبراتهم في بضاعة خاسرة كل موسم ولا تدرّ على الرياضة بالربح ، أعجزتم عن استبدال الفكر العقيم بالراجح وفقاً لشروط صارمة يتوجب على لجنة كتابة النظام الاساسي تضمينها وعدم التغافل عنها لمصلحة منتفعين يموتون كمداً وفقراً خارج نعيم مملكة رياضتهم؟!
مرّ عام الاصلاح بسرعة تاركاً عشرات القصص الحزينة التي لم تكن جلّها أمينة على حاضر الرياضة وما ينتظرها من متغيّرات ضرورية تواكب مسيرة النهوض اللافت والمدهش لبعض اللجان الأولمبية العربية واتحاداتها المنتظمة في سلوكيات العمل الأولمبي وقواعد تحديث آليات التنشئة الثقافية والفنية على مستوى الكبار والصغار من ممارسي الألعاب ذات القيمة الاعتبارية لأوطانهم في المنافسات الدولية.
إلى متى تظلّ رياضتنا ترزح تحت حُكم ثلّة من الأمّيين والمتفرعنين والطامعين والمبتزّين الذين يجد بعضهم فرصة وافرة عبر بعض وسائل الإعلام ليظهروا بكامل العفّة ويفنّدوا كل الاتهامات بـلاءات قبيحة لن تبرّئهم من عار تشويه سمعة الرياضة؟!