TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: يا أعزائي هذه طواحين هواء!!

العمود الثامن: يا أعزائي هذه طواحين هواء!!

نشر في: 1 يناير, 2020: 09:48 م

 علي حسين

من بين الرفوف المزدحمة بالعناوين والأسماء، نشعر دوماً بأن عددا قليلا من الكتب التي تعد الأقرب إلى النفس، لماذا؟ لأننا لانزال نجد فيها ملاذا لأرواحنا، وفي كلماتها صدى لما هو مكبوت وما يجول في النفس، يكتب أندريه جيد:

"هناك كتب تصلح للقراءة في الحدائق العامة، وكتب تقرأ في الطرقات، إلا أن ملحمة سيرفانتس "دون كيشوت" يجب أن يقرأها المرء كمن يمشي على لحم الأرض، كم من التأويلات يقبل دون كيشوت سيرفانتس، وكم من التأويلات تقبل مدينته "لامانتاشا" ساحة معاركه الخيالية، إن جرثومة البطولة الزائفة حين تناولها سيرفانتس كفت عن كونها مجرد خيالات وأوهام، إنها تبلع العقل وقد تفتك به، مثلما فتكت بالفارس الهمام دون كيشوت، وحين يعم الوهم يزحف الخراب على المدن والبشر.. في دولة أحزاب الفشل والخراب، لايهم أن تصبح مثل دون كيشوت ترمي السهم أينما تشاء، فحيث يصيب السهم هناك الأعداء، الكل أعداء، أشهر سيفك واضرب كما تشاء، لا تصغ لمن يقول لك إحذر إن أمامك أوهاما وطواحين هواء، الكل أعداء مادام البعض يريد من الجميع أن "ينبطحوا" تحت نعال الظلم والطغيان والفشل ، الكل في صف الأعداء ما داموا غير خاضعين لمنطق صاحب الحظوة والسلاح ، إهجم كي لا تهزم هذا هو منطق دون كيشوت العصر الحديث، لم تعد السياسة في عرف البعض فن الوصول إلى المستقبل، وإنما خليط عجيب من الاكاذيب ، كانت الناس تأمل أن تعيش في ظل ساسة يكونون مزيجاً من الطموح والصدق وشجاعة الحلم والسعي لبناء الوطن، فوجدوا أنفسهم مع سياسيين غارقين في الطائفية واستجداء السلطة وابتزاز كل من يختلف معهم.

في نهاية ملحمة دون كيشوت ، يلعن " دون كيشوت " ، حكايات الفروسية التي صدَّقها، والعالم المثالي الذي حلم به ، لكنه مع كل ماجرى يريد أن يعيش حياة جديدة لا أكاذيب فيها ، فليكن لأصحاب الواقع والمناصب والباحثين عن لفلفة المناصب ، والساعين الى تحويل مؤسسات الدولة الى إقطاعيات خاصة ، عالمهم الخاص ، فدون كيشوت العراقي لا يستطيع الخروج من عالمه الذي أُجبر على العيش فيه ، حيث الفساد هو نفسه الذي يُفتّت البلاد، . الفساد الذي يصرّ أصحابه على أن يضعوا في مواقع السلطة آكلي ثروات البلاد وسراق احلام الناس ..هذا الفساد الذي نمر به اليوم هو نتاج ثقافة الأوهام، فكل شيء ينقلب ويتغير ويتبدل وفقا للمصالح الشخصية وليس تبعا للثوابت الوطنية، هكذا سنظل نعيش في دوامة حروب دون كيشوت الخشبية وطواحين الوهم، فقط في هذه البلاد يكون للسياسة معنى آخر وللسلطة معنى مختلف وللمسؤولية معان لاعلاقة لها بالناس ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram