بغداد/ المدى
حتى مساء امس، امتنعت اغلب القوى الشيعية خصوصا تلك المقربة من الحشد الشعبي، عن التعليق على القصف الايراني لقواعد عسكرية في غربي وشمالي العراق تضم معسكرات للتحالف الدولي والقوات الاميركية.
ونفى نواب، امس، وجود انباء عن عقد جلسة برلمانية "استثنائية" لمناقشة تداعيات الهجوم الاخير على غرار ما حدث بقضية "هجوم المطار" التي خرجت بالطلب من الحكومة اخراج القوات الامريكية.
وطالبت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، الحكومة بـ"الرد" على ايران، وحذرت من تحول العراق الى ساحة تصفية حسابات بين دول العالم.
وقالت بغداد، امس، بانها علمت بالهجوم من طهران قبل وقت قصير من تنفيذه، مؤكدة عدم وجود خسائر بشرية بين القوات العراقية والاجنبية.
وقال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة عبد الكريم خلف في بيان إنه "بعد منتصف الليل بقليل تلقينا رسالة شفوية رسمية من قبل الجمهورية الاسلامية في ايران بان الرد الايراني على اغتيال الشهيد قاسم سليماني قد بدأ او سيبدأ بعد قليل، وان الضربة ستقتصر على اماكن تواجد الجيش الامريكي في العراق دون ان تحدد مواقعها".
واضاف "اننا انذرنا فور تلقينا خبر الهجوم القيادات العسكرية العراقية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة".
وبين خلف عدم تسجيل اي اصابات. وقال ان "العراق يرفض اي انتهاك لسيادته والاعتداء على اراضيه".
وأعلنت إيران أنها قصفت بصواريخ بالستية فجر الأربعاء قاعدتين أمريكيتين في العراق ردا على مقتل الجنرال سليماني.
وقال حرس الثورة الإسلامية في بيان إنه أطلق "عشرات الصواريخ أرض - أرض على القاعدة الجوية المحتلة من الجيش الإرهابي الأمريكي المعروفة باسم عين الأسد" بمحافظة الأنبار، مشيرا إلى أن العملية جاءت "انتقاما لاغتيال" سليماني.
بالمقابل قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب عقب الهجوم، في تغريدة على تويتر: "كل شيء على ما يرام". واكد ان ايران اطلقت صواريخ على "قاعدتين عسكريتين في العراق"، وبانه يجري الان "تقييم الخسائر والأضرار".
وغرد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من جهته قائلا إن بلاده نفذت "إجراءات متكافئة في إطار الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة من خلال استهداف القاعدة التي شنت منها هجمات جبانة ضد مواطنينا وضباطنا رفيعي المستوى".
كما حذر الحرس الثوري في بيانه فجر الأربعاء "الشيطان الأكبر والنظام الأمريكي من أن أي عمل شرير أو اعتداء او تحرك آخر سيواجه ردا أكثر إيلاما وقساوة".
وقال: "ننصح الشعب الأمريكي بسحب القوات الأمريكية من المنطقة منعا لوقوع المزيد من الخسائر ولعدم السماح بتهديد حياة المزيد من العسكريين الأمريكيين بسبب الكراهية المتزايدة للنظام "الأمريكي".
لا ضحايا حتى الآن
بدوره قال هريم كمال، عضو لجنة الامن في البرلمان لـ(المدى): "لا توجد حتى الان اي معلومات عن سقوط ضحيا بالقصف"، مبينا ان الولايات المتحدة اذا ارادت الرد على ايران فلن "تستخدم الاراضي العراقية".
واوضح كمال ان "امريكا لديها قواعد عسكرية في الخليج وفي منطقة البحر المتوسط اكثر قدرة على شن هجمات من القواعد في العراق".
واضاف كمال وهو نائب عن اربيل، بان الاوضاع في المدينة "طبيعية وهادئة" بعد ان تعرضت المدينة لقصف بخمس صواريخ سقط بعضها في محيط مطار اربيل وعلى بعض القرى، استنادا لبيان لقيادة العمليات المشتركة.
وقالت القيادة في بيان امس، ان "17 صاروخاً سقطت على قاعدة عين الأسد الجوية من ضمنها صاروخان لم ينفجرا في منطقة حيطان غرب مدينة هيت و5 صواريخ اخرى على مدينة اربيل، سقطت جميعها على مقرات التحالف". وأضاف البيان "كما لم تسجل أي خسائر ضمن القوات العراقية".
واكدت وسائل اعلام كردية، الاربعاء، العثور على بقايا الصاروخ الإيراني الذي سقط في قضاء بردرش في محافظة دهوك، ولم يخلف أية خسائر. وذكرت وسائل الاعلام أن القوات الأمنية في المنطقة قامت بجمع قطع الصاروخ الذي سقط في ساعة متقدمة من ليل أمس.
وبين النائب هريم كمال ان الصاروخ سقط في منطقة غير مأهولة، بمسافة تبعد 2 كم عن مركز قضاء بردرش قرب دهوك، وإن قطعه تناثرت في المنطقة.
الى ذلك اظهرت صورة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، الاربعاء، احد الصواريخ البالستية الايرانية التي اطلقتها طهران باتجاه قاعدة عين الاسد. الصاروخ الذي لم ينفجر سقط في قرية حيطان في هيت وتبعد 40 كم عن قاعدة عين الاسد.
كذلك نفت قيادة عمليات الانبار في بيان، الاربعاء، انباء مقتل نائب القائد بالقصف الايراني على قاعدة عين الأسد. وكانت وسائل اعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قد تداولت، خبراً يتعلق بمقتل العميد الركن ضرغام التميمي نائب قائد عمليات الأنبار الذي قتل جراء القصف الإيراني لقاعدة عين الأسد.
بالمقابل اعلن المتحدث باسم الجيش النرويجي، امس، انه "لا جرحى أو قتلى من طواقمنا" في القصف الإيراني على قاعدة عين الأسد. كما أكد رئيس الوزراء الاسترالي سلامة العسكريين والدبلوماسيين الاستراليين المتمركزين في العراق. وأعلنت الدنمارك عدم وقوع ضحايا بصفوف قواتها في العراق.
وقف الرحلات
بعد ساعات من الضربة الصاروخية الإيرانية، أعلنت واشنطن أنها منعت طيرانها المدني من التحليق فوق العراق وإيران ومياه الخليج وبحر عمان، ما يؤشر إلى مخاوف من تصعيد عسكري بين الطرفين.
واعلنت الامارات، امس، تعليق رحلاتها الى بغداد. بالمقابل علقت شركة الطيران الفرنسية "آير فرانس" رحلاتها عبر المجال الجوي الإيراني والعراقي، فيما قالت مصادر في حكومة باريس انها لا تنوي سحب قواتها من العراق.
واعلنت ثلاث دول هي اسبانيا، كرواتيا، وسلوفينيا، اجلاء بعض المعدات والجنود الى دول اخرى. بالمقابل قال رئيس أركان الدفاع في القوات المسلحة الكندية الجنرال جوناثان فانس الأربعاء، إن جميع قوات بلاده في العراق بأمان، وذلك في أعقاب الضربة الصاروخية الإيرانية التي استهدفت قواعد في العراق تستخدمها القوات الأمريكية.
وطمأن فانس، عبر تغريدة على موقع "تويتر"، عائلات القوات الكندية المتواجدة في العراق على ذويهم، موضحا أنهم جميعا بأمان، وأن بلاده على يقظة كاملة بما يحدث.
قوى بلا مواقف
ورفضت اغلب الاحزاب الشيعية التعليق على الحادث. بالمقابل قال مختار الموسوي وهو نائب عن منظمة بدر في اتصال مع (المدى) امس انه "لا يوجد موقف رسمي على الحادث حتى الآن"، نافيا علمه باجراءات البرلمان حول القصف.
الى ذلك دان ائتلاف النصر برئاسة حيدر العبادي، "الانتهاك الايراني" للسيادة العراقية. وقال في بيان امس، "نؤكد رفضنا لاي صراعات او تصفية حسابات اقليمية دولية على حساب الدم والارض والسيادة العراقية، وعلى الشعب والرئاسات الثلاث والقوى الوطنية حفظ وحدة واستقرار ومصالح العراق".
في غضون ذلك، نفى النائب هريم كمال، امس، تبليغ النواب بوجود "جلسة للبرلمان بخصوص الهجمات الايرانية". بالمقابل دان محمد الحلبوسي رئيس البرلمان في بيان امس، "الانتهاك الايراني لسيادة العراق".
وقال الحلبوسي "في الوقت الذي ندين فيه الانتهاك الإيراني للسيادة العراقية فجر الأربعاء 8 كانون الثاني؛ نؤكد رفضنا القاطع لمحاولة الأطراف المتنازعة استخدام الساحة العراقية في تصفية الحسابات".
الى ذلك اعتبر مثنى امين، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، الهجوم الايراني على القواعد العسكرية "خرقا للسيادة".
وقال امين في اتصال مع (المدى) امس ان "اي عمل عسكري بدون موافقة العراق من اي طرف يعد تعديا على السيادة".
واضاف النائب ان "الأخطر من الهجوم هو تحول العراق الى ساحة صراع عالمي"، متسائلا: "لماذا يتم اختيار ضرب القوات الامريكية في العراق وليس في القواعد الاخرى في البحار ودول الخليج؟".
وتابع امين: "اذا الحكومة لم تستطع الرد على الامريكان فعليها الرد على الايرانيين لانهم من المفترض ان يكونوا اكثر العارفين باوضاع البلاد وخطورة الانزلاق الى حرب اهلية".