TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لقد سقطت دولتكم

العمود الثامن: لقد سقطت دولتكم

نشر في: 12 يناير, 2020: 09:52 م

 علي حسين

في كل يوم تكشف لنا المعالجات الدرامية التي وضعها مقربو الحكومة وكتاب سيناريوهاتها أن نظام صدام حاضر بقوة وبكامل معداته، وأن إعلام المعركة تم استدعاؤه للخدمة الإلزامية.

في كل يوم يصحو العراقيون على سيناريو جديد لكنه سيئ الحبكة، فبعد أن انتظرنا تفسيرا لأيام العراق الدامية، وبعد أن عجز الناس عن حل لغز قتل المتظاهرين، وضربنا أخماسا في أسداس لنعرف سر الصواريخ التي تضرب في منتصف الليل، وبعد أن وعدنا البرلمان بأن الحكومة القادمة هي حكومة الشعب، اكتشفنا بالصدفة أن ضياع ثروات البلد وسرقة ملياراته يقف وراءه المتظاهرون الذين أوقفوا مشاريع التنمية وعطلوا بناء المستشفيات الحديثة، وأجهضوا خطة الحكومة لجعل التعليم في العراق يتفوق على اليابانيين.

في كل دول العالم تكون وظيفة السياسي الحقيقي هي إدارة شؤون البلاد على نحو يجعل الناس أكثر أمنا وسعادة وإيمانا بالمستقبل، إلا في العراق حيث يشيع ساستنا الرعب ويكرسون لثقافة الكراهية والعنف، مستخدمين فزاعة الأجندات الخارجية، خطاب لا يختلف عن الخطاب المقيت الذي كان القائد الضرورة يصدع به رؤوسنا كل يوم، يتحدثون عن الفوضى فيما هم أول من ينشر الخراب في كل مكان، يتحدثون عن القانون والعدالة وهم يحرقون البلاد صباح كل يوم، مولعون بالاتجار بقضايا الناس، وقد استثمروا في السنوات الأخيرة فوضى غياب القانون فازدهرت تجارتهم وسط حشد مهول من الكلمات الزائفة، كل يوم شهداء شباب وتفقد أمهات أعز ما لديها وتترمل نسوة، فيما سياسيونا يصرون على أن يملؤوا منابر الفضائيات صخبا وضجيجا.

اليوم العراقيون يريدون دولة الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، وليست الدولة المريضة والفاسدة التي تحكمها ثقافة الجهل والفقر والمرض، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل شيء مزيف ومزور وكاذب ومنافق وغشاش وفاسد وقاتل وانتهازي وسارق.

اليوم ندرك جميعا أن الاستقرار لن يتحقق إلا إذا تخلص الناس من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاؤوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات يضعون قدما في السلطة والأخرى في إحدى دول الجوار، فهم يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.. وأنهم في نهاية المطاف يلتقون مع أقرانهم من المسؤولين في نقطة واحدة وهي "البقاء في المنصب والحفاظ على المكاسب" .

لقد سقطت دولتكم مع سقوط أول شاب متظاهر ، ومع إغماضة عين صبي في ساحة الحبوبي ، ومع صرخة أم ثكلى فقدت أغلى ما عندها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram