علي حسين
في الوقت الذي انشغل فيه الإعلام وعلى صفحاته الأولى بمؤتمر رئيس مجلس النواب الذي أصر على أن يعقده في دبي وليس بغداد من أجل تأسيس جمهورية محمد الحلبوسي الاشتراكية..
نجد خبر مقتل ناشطين وصحفيين يتوارى خجلاً في صفحات الحكومة والبرلمان، ولأننا جميعا غارقون في المشروع القومي لإعادة الحياة إلى عادل عبد المهدي.. والدفاع عن قرارات البرلمان في قطع أنف ترامب.. لم يتوقف مسؤول أمام الاغتيال وعمليات التغييب التي يتعرض لها شباب الاحتجاجات كل يوم.. لم يخرج علينا مسؤول ببيان عن هذه الجرائم.. والأخطر من ذلك أن البرلمان لم يغضب.. وكأن أعضاءه الأشاوس جميعا أصيبوا بعطب مزمن بالضمير والأخلاق .. اليوم نجد آلاف المتظاهرين يرفعون شعار نريد وطنا.. فيما لم تتحرك القوى السياسية ، وقد أصابهم الصمم إزاء الحدث الأبشع في تاريخ العراق السياسي والاجتماعي، وأعني به عمليات الاغتيال والخطف والتعذيب التي يتعرض لها الشباب.
في الوقت الذي استشهد فيه أكثر من 600 متظاهر، نجد وزير التعليم العالي يصف الطلبة المحتجين بأنهم "جوكرية" ، وأنهم يتلقون الدعم من لندن.. عجيب أمر الحكومة ورجالها، مرة يتهمون صربيا.. ومرات أميركا، ومرة الخليج، و" علامة " البصرة أسعد العيداني اتهم جنوب فرنسا ذات يوم بانها تحرض شباب البصرة .. ولا أعتقد أن عاقلا يمكن أن يقتنع بأن مطالب الناس بوطن معافى ومحاربة الفساد وتوفير العدالة الاجتماعية هي مطالب إمبريالية وتديرها المخابرات العالمية. وأنا أقرأ اراجيز "صبيان السياسة" عندنا، شاهدت أمس صورا لمروحيات ﺃﺳﺘﺮﺍلية.. تلقي مئات الأطنان من المواد الغذائية ﻟﻠﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻮﺭ ﺟﻮﻋﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺣﺮﺍﺋﻖ ﺍﻟﻐﺎﺑﺎﺕ.. هل هناك نموذج أكثر إنسانية؟.. فيما سياسيونا ومسؤولونا أصيبت ضمائرهم بعطب مزمن فنجدهم لا يتألمون أو يغضبون لمشهد تعذيب وقتل شابة مثل زهراء علي سلمان جريمتها الوحيدة أنها اعقدت ان الوطن يتسع للجميع .. وفي الوقت الذي يقتل فيه الشباب بدم بارد في شوارع بغداد وذي قار وواسط وكربلاء.. كانت بلاد مثل أستراليا تغلي ليس من أجل عيون رئيس الوزراء ولا دفاعا عن حق قصي السهيل في شتم المتظاهرين وتخوينهم، وإنما دفاعا عن حيوانات جائعة.. فمنذ أيام والحكومة تقدم الاعتذار للشعب عن الحرائق التي حصلت، بينما في بلاد الشراكة الوطنية يقر القضاء بوجود عشرات الانتهاكات بحق المتظاهرين ونجد رئيس الوزراء يخرج لسانه للجميع قائلا: وماذا يعني؟ لماذا تدافعون عن "مخربين"؟
هذا ما حدث في بلاد "الكفار أستراليا".. أما في بلاد الأحزاب الدينية والعشائر والطوائف.. فقد شاهدنا كيف تحول صناع الأزمات أمثال حنان الفتلاوي وأبو مازن وعزت الشابندر إلى أبطال "قوميين".