إياد الصالحي
تبقى الحقائق المسرّبة عن اتحاد كرة القدم في السرِّ والعلن عمّا يُرتّب لاجتماع أربيل بعد غد الجمعة مبتورة حتى لو تجلّت قراراته مثلما يرغب طرفا الأزمة رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود والمتضامنين مع استقالته من جهة وصاحب الشكوى عدنان درجال الذي اشترط عقد الاجتماع بحضور شاهدين من السلطتين التشريعية والتنفيذية للدولة التي تواجه تحدّيات كبيرة أكثر أهمية من مناكفات أهل الكرةّ!
لماذا مبتورة وقد خرج رئيس الاتحاد بصوته معلناً ملله العمل طوال السنين العشرين الماضية وأنه يعتزم تقديم الاستقالة في اجتماع أربيل وفسح المجال أمام أشخاص آخرين لخدمة اللعبة؟ في التصريح نفسه ناقض مسعود ما يؤمن به ودفعه للاتصال ببرنامج (ستوديو الجماهير) من قناة دجلة مساء أول أمس الاثنين ، مؤكداً رفضه أي حل وسطي بقوله (إما نستقيل كلنا.. أو نبقى كلنا) ! ولم تكن تلك زلّة لسان أو غفلة عمّا يضمره قلبه من دواعٍ للاستقالة التي لا يؤخذ حُسن النية في فهم موجباتها لدى أي مسؤول وغالباً ما تتغلّب في نفسه النزعة السيّئة بأنه ماضٍ لكسر عظامه بإرادته وليس للتعبير عن حرصه على إخلاء مسؤوليته في الوقت المناسب.
الأمر المبيّت الآخر مصارحة رئيس نادي نفط الجنوب محمد ولي الجمهور الرياضي أنه ليس كل أعضاء الاتحاد يرغبون بتقديم الاستقالة وهناك من سيجدّد حضوره بالرغم من وجود شبه اتفاق بين أعضاء الهيئة العامة على عدم دعم عدنان درجال إذا ما ترشّح للتنافس على منصب رئيس الاتحاد نتيجة قيامه بإيداع موظفين في الاتحاد الى الحبس ، ثم يدعو ولي في محور آخر إلى حماية نائب الرئيس علي جبار والكرة العراقية من خلال إجبار الجميع على الاستقالة! أي توصيف يمكن أن نخرج به يتطابق مع حقيقة التقاليد التي أرساها حُكم العلاقات الشخصية لمؤسسة مهمّة أنهكتها الصراعات وحامت حولها الشكوك بفعل الخروق في اللوائح والنظم الى الدرجة التي تتحالف السلطة العليا للاتحاد علانية للإطاحة بمرشح منافس نادى بالإصلاح وكشف الخلل في آلية الانتخابات والنظام الداخلي وترك أمر الحساب للقضاء؟!
إن كان البعض لا يعي مفهوم الأمانة هي "الخوف من أن يُضبط متلبّساً بالخيانة" فهذا شأنه ، وعليه أجد أن هناك خرقاً فاضحاً بإقامة اجتماع أربيل قبيل لقاء الهيئة العامة للاتحاد المُقرّ سابقاً في الثامن عشر من كانون الثاني الحالي ويتحمّل عدنان درجال مسؤولية مشتركة في ذلك ، يتمثل أولاً بتأثير أي قرار يصدر عن الاجتماع على رؤى العمومية صاحبة القرار الأول والأخير، وثانياً وجود شُبهة مساومة في ملف قضائي خضع لإجراءات المحكمة أي الاستقالة الجماعية مقابل طي أوراق الدعوى ومذكرة إلقاء القبض على رئيس الاتحاد ونائبه المتّهمين في قضية تزوير النظام الداخلي ، وإن كان أمرها هيّناً ويمكن معالجتها في أروقة الفيفا أو مطالبة العمومية بتغيير النظام فالأولى أن يذهب درجال فوراً الى القضاء ويُسهم في إخراج د.صباح محمد رضا وستار زوير من محبسهما كونهما أتهما بجرم التزوير مع غلق ملف وليد طبرة أيضاً لا أن يتم التعامل بمكيالين هنا وهناك ، وثالثاً عن أي ضمانات يبحث درجال من رئيس لجنة الرياضة البرلمانية عباس عليوي ووزير الرياضة د.أحمد رياض ومستشار رئيس مجلس الوزراء إياد بنيان وأية هيبة ينشدها درجال جرّاء توريط مسؤولي الدولة ليكونوا شهوداً على تسوية أزمة منظورة أمام القضاء مع استباقة تصويت العمومية على كل ما جرى من أحداث ما بعد المؤتمر الانتخابي في أيار 2018 لتعلن موقفها الحازم بلا محاباة أو كره حفاظاً على سمعة اللعبة التي باتت بحاجة الى تغيير جذري في كل المنظومة؟!
أتركوا الحل للهيئة العامة ، وتذكّروا سيناريو تكليف الناطق الرسمي الأسبق باسم الحكومة العراقية ومنسق ملف انتخابات اتحاد الكرة مع الاتحاد الدولي (فيفا) علي الدباغ عام 2009 وما أجراه من لقاءات عدة محلية وقارية ودولية بهدف حلحلة أزمة أقل خطورة وهي منع تمديد عمل الاتحاد ويومها طالب رعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية أعضاء الاتحاد بالاستقالة ، ماذا كانت النتيجة؟ تم سحب الملف من الدباغ بعد تهديد الأولمبية الدولية والفيفا المؤسسات الرياضية العراقية بإيقاف النشاط ، وظلّت تنفيذية الاتحاد عام ونيف قبل أن يُقرر الفيفا إقامة الانتخابات في 16 حزيران 2011 منتصراً لإرادة العمومية.