عامر القيسيلااحد على ما اظن لديه الكثير من الاوهام حول احقية قيادة العراق بكل تنوعاته وثقل هذه التنوعات فكريا وثقافيا وتأريخا، ولا اقصد هنا التنوعات الكبيرة فقط، اي الشيعة والسنة والاكراد، العراق بوجود المسيحيين والتركمان والأيزيدية والشبك والصابئة، بامكانك ان تطلق عليه العراق الحقيقي. اللوحة بغير هؤلاء باهتة لامعنى لها.
ولاأحد يستطيع الادعاء بانه قادر على حكم كل هذا التنوع بعدالة ، باستثناء هرقليات الدكتاتور الذي لخص العراق،بتأريخه وحاضره بشخصيته . ولايستطيع حتى اكثر من مكون ان يدعي القدرة على قيادة السفينة العراقية. وتأريخ الدولة العراقية الحديثة منذ 1921 شاهد على الخلل والارتباك، بل والكوارث التي عانى منها العراق ، بسبب التهميش ، أو الاخطاء التأريخية للمواقف المتشددة، عندما اندفع المكون السني نحو بناء الدولة، وتقوقع المكون الشيعي بالمعارضة. وبسبب هذا المفترق ضل العراق اعرجا ومريضا ومتخما بالتقاطعات السياسية، بل والمواجهات الدامية من الاحتلال البريطاني مرورا بالعهد الملكي الوطني وحتى ثورة الربع عشر من تموز 1958 ، ونستطيع القول بلا ادنى مبالغة حتى الآن، وخصوصا عندما ارتكب المكون السني نفس خطأ المكون الشيعي فقاطعت الغالبية منهم انتخابات 2005 ، وما جرته هذه المقاطعة من شلل في تطور العملية السياسية والاجتماعية معا ، ولولا الممانعات الوطنية العراقية الشعبية القوية ، لكان المجتمع العراقي قد انزلق الى مهاوي حرب اهلية لاتفرق بين السني والشيعي والمسيحي والمسلم . هذه الدروس ينبغي ان تكون حاضرة اليوم بكل قوة ، سواء تحالف ائتلافا دولة القانون والوطني أو لم يأتلفا ، سواء كانت العراقية تمثل 85% من المكون السني أم لم تكنه . الدرس واضح وصريح وقوي وشفاف ، انه يحمل كل مواصفات الدرس النموذجي اللازم لنجاح الطالب اذا اراد النجاح حقا. من الطبيعي ان يتم الحديث عن استحقاقات انتخابية ، ومن الطبيعي ان يجري الحديث عن تفسيرات قانونية، لهذا البند الدستوري أو ذاك ، من الطبيعي جدا ان نختلف ونتحاور، والا ماغيرنا شيئا ولا رفعنا شعارات مختلفة. من الطبيعي كل ذلك، لكن الاهم من كل هذا الطبيعي، ان نحفظ الدرس جيدا ، وهو الدرس الذي يقول، لامجال لتهميش مكون ولا فئة تحت مسميات الاكثرية ، ولا يمكن التمسك باحقية حكم العراق بفارق الكرسي الواحد أو العشرة. في هذه المرحلة من الحبو الديمقراطي و"الغضب" الذي حولنا لامجال لاحلام وردية عن الاغلبية المطلقة والحقوق التأريخية والاستحقاق الانتخابي ، لان الدرس يقول ان على جميع الطلبة ان يدخلوا الى الحصة ويشاركوا في الامتحان ، وهو امتحان بناء العراق واعماره وانقاذ المواطن العراقي من أزماته والحاق العراق بركب الحضارة الحقيقية ، وتوفير مستلزمات الحياة الآدمية الانسانية الحقيقية ، وتعويض هذا المواطن عن سنوات الجوع والحصار والفقر والمذلة في بلدان الكون الواسعة . هذا هو الاختبار الحقيقي للوطنية العراقية ايها السادة ، وليس الكرسي الزائد والناقص ولا الاكثرية التي ينبغي ان تحكم ولا حتى الديمقراطية التي حقنا فيها بجرعة كبيرة حتى كادت ان تميتنا ، مع الاحترام الشديد لكل هذه الاستحقاقات الوطنية والديمقراطية. لندخل الى الدرس معا ونجيب عن اسئلة المرحلة بروح رياضية عالية.
كتابة على الحيطان: دردشة عراقية
نشر في: 7 مايو, 2010: 08:35 م