إياد الصالحي
" إن تقديم وإعداد أي برنامج ليس بالأمر السهل ، فقد أمتدَّ برنامج الرياضة في اسبوع قرابة ثلاثين سنة ، وبسبب انشغالي فيه حرمتُ من فرصٍ دراسية وعائلية واجتماعية كثيرة نتيجة إلتزامي بالحضور اليومي للتلفاز لتحضير مواد الأسبوع ،
ولهذا فأنا (شايّلك دَردْ يا حسام) وأتمنى أن تحتفل بالذكرى 25 و50 سنة على تقديم برنامجك". كلمات عفوية لشيخ الإعلام الرياضي المرئي مؤيد البدري في إحدى المناسبات خصّ بها الزميل حسام حسن مقدّم برنامج إستوديو الرياضة عبر شاشة الحرة عراق والذي أوقد قبل أيام الشمعة السادسة عشرة من تاريخ بثّ أول حلقة منه في 5 كانون الثاني 2005.
يعلم البدري حجم المعاناة لما قدّمه للفترة (1963-1993) وتحمّله ضغوطاً لا تطاق في أزمنة صعبة عدّها ضريبة نجاحه المستمر في تقديم برنامج جعل الجمهور من مختلف الأعمار يهرع لمشاهدته حال سماع مقدّمته الموسيقية المأخوذة من الأوبرا الكوميدية (حلاق إشبيلية) عام 1816م لمؤلفها الموسيقي الإيطالي جواكينو روسيني ، والحال ذاته مع المبدع حسام الذي أجتهد كثيراً وهو يوظّف خبرته في الصحافة الرياضية التي عاصر خلالها كبار الخُلق والمهنية على مرّ العقدين الماضيين ، وكان لبساطة طرحه وتجنُّبه استفزاز الضيوف وسعيه لإيجاد حلول واقعية للأزمات ونبذه كل ما يؤجّج الكراهية والعنف والحقد والتمايز الاجتماعي بين الرياضيين خاصة في أعوام 2005و2006و2007 كان لكل ذلك تأثيره العميق لدى المشاهدين ، ما قرّبهم من برنامجه ليفرِد له موقعاً بشخصيته الهادئة ، مؤيّدٌ بالضابِط المهني وبدرُ حلقتهِ يُضيء الحقيقة كاملة على مدار القضية.
يأتي استشهادنا اليوم بحديث الغائب الحاضر البدري عن استوديو حسام مقصوداً للتعبير عن سُخطنا على تحوير بعض العاملين في الإعلام الرياضي المرئي طاولة الحوار إلى (كرسي حلاّق) يجترّون فيه أي كلام حتى لو ضيّعوا بوصلة حلقته ، ثم يوجّهون شتى الاتهامات ويتوعّدون بمُعاداة من يختلف معهم ولا يتورّعون عن شتيمتهم ، كما لا يسلم ضيوفهم من جرح كرامتهم بـ(موس) الانفعال حينما يقلُّ أدبهم مستندين بذراعي الجرأة والحرية. أيعقل هذا ؟!
نريد أعلاماً يحقّق مع المسؤول ويُثبِّت الحقائق في الساعة التلفازية ولا يدعه يقتل الوقت ويهرب ، نترقّب أعلاماً عادلاً لا يلتقي مع أحد طرفي الصراع إلا عند نقطة إقناع المشاهد بالحقيقة ، ونستهجن تقمّص الإعلام دور الواعِظ للمّ شمل فرقاء الرياضة ويَدرأ عنهم شبهات الفساد وفي الوقت نفسه ينافق بحماسة طاعِناً بنزاهة زملاء مهنة!
وإذا كانت وسائل الإعلام تمثل السلطة الرابعة المولدة من رحم النظام الديمقراطي المحارب للقهر والتعسّف لتكون أداة تقويم السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يعزز سياسة آمنة للدولة ، فكيف يسمح بعض مقدمي البرامج الرياضية لأنفسهم أن يتسلّطوا ضد مسؤولي كيانات رياضية ويسهموا في تحريض الرياضيين ضد قرارات وإجراءات رسمية تستهدف إصلاح شؤونهم؟
إن المرحلة القادمة تتطلّب تكاتف الإعلاميين لتصحيح الأخطاء وفضح الدخلاء الذين يعبثون باسم المهنة من أجل الحصول على المنافع لاسيما في البطولات الخارجية ، وينبغي توحيد الخطاب الإعلامي سواء المكتوب أم المرئي أم المسموع أم الإلكتروني لدعم مسعى اللجنة الأولمبية الوطنية في حملة ترميم بيتها بعد اصدار القانون من خلال الاسراع في اصدار النظام الاساسي الجديد ، والأمر ذاته تذليل مشكلة اتحاد كرة القدم المستقيل بحلول سليمة تجمع الهيئة العامة على مصلحة اللعبة بمؤتمر استثنائي قريب ببغداد تصادق على التقرير المالي المنسي والمهمّش وسط مفاوضات أربيل المحتدمة ، وتستدعى الاندية لاستقراء مستقبلها وفقاً لقانون يفتح نوافذ خلاص غالبيّتها من تبعية المؤسسات الحكومية ويمهّد بشكل تدريجي لتحويل ملكيتها الى الشركات الخاصة كي تستقلّ بأموالها وإداراتها أسوة بأغلب أندية العالم.
الإعلام رسالة إنسانية لتوعية الناس وتنوير رؤاهم وحثّهم على تحدّي المصاعب وتحقيق أعلى درجات العطاء والتسامح فيما بينهم .. ولا ينبغي أن تقع تلك الرسالة في يد من لا يرحم!