علي حسين
نحن المواطنين المبتلين قد هالنا ما بلغته أخلاق السياسة عندنا من انحطاط ، وتزييف للوقائع والحقائق يسعى من خلالها البعض لإجهاض مطاليب ساحات الاحتجاج، والاستهانة بدماء أكثر من 600 شهيد والآلاف من الجرحى،
وإذ تقف البلاد اليوم على عتبة استحقاقات احتجاجية ننتظر أن تعي الحكومة ومعها البرلمان الذي سيهرب أعضاؤه في إجازة طويلة. إن الإصرار على تجاهل مطالب المتظاهرين، وعدم تقديم أي مطلب واحد خرج واستشهد من أجله المئات، ومحاولة الالتفاف على قانون الانتخابات الذي لم يعلن حتى هذه اللحظة ولم يصادق عليه، وعدم الكشف عن القتلة الذين لا يزالون يسرحون ويمرحون بحرية، لا يعني سوى شيئا واحدا، أن البعض مصر على أن يعتبر السلطة جزء من حياته الشخصية لا ينتهي إلا بمغادرته الحياة.
بعد سبعة عشر عاما من هجمات منظمة ضد كل قواعد الحياة الوطنية في البلاد، يصر البعض على إفراغ البلاد من كل طاقاتها الكفوءة، ليسلمها إلى رهط من الانتهازيين والأميين ومنشدي المدائح على أعتاب الحكام.
بعد سبعة عشر عاما تم خلالها تدمير ممنهج لفرص النهوض بالبلاد، وإشاعة اليأس في نفوس البسطاء والسعي إلى ترسيخ الفرقة الطائفية والمذهبية من أجل أن يتحول حلم التغيير إلى كابوس.
نحن المواطنين كنا نأمل أن نجد أنفسنا إزاء حكومة لا تفرق بين أبنائها، لا تنحاز لطرف على حساب طرف آخر، حكومة تتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، فالمسؤول والمواطن جزء من النسيج الوطني، حكومة شعارها المواطنة أولا، لكننا وجدنا أمامنا عقلية سياسية تتعامل مع الجميع باعتبارهم أعداء للوطن وعملاء للخارج، كنا نأمل بحكومة تعبر بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدنا أمامنا حكومة تريد إعادة الناس إلى زمن "القائد الضرورة".
نحن المواطنين ندرك جيدا أن ما جرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل أثر للتغيير، وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز.
نحن العراقيين نحلم اليوم بوطن معافى يقوى باجتماع طوائفه ومكوناته.
نحن العراقيين نحلم ببلاد تكون ملكا للجميع، محصنة بقضاء مستقل، وبتمثيل برلماني لا يعرف للمحسوبية طريقا.
نحن العراقيين نحلم بمجتمع آمن لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كل ليلة.
نحن العراقيين نحلم بثقافة ديمقراطية، تنحاز للمواطن لا للطائفة، وتنحاز للبلاد لا للحزب والعشيرة.
نحن العراقيين ندرك جيداً أن البلاد تعيش اليوم في ظل ظروف سيئة تدفعنا جميعا لأن نقول بصوت واحد لا لسياسات الإقصاء، لا للتفرد بالسلطة، لا للطائفية.
نحن العراقيين إذ نكتب هذا البيان فإننا نحذر من أن النزعة التدميرية باتت تسكن دوائر القرار الحكومي والتي لا تريد لمهلة الناصرية أن تحقق أهدافها الوطنية المشروعة.