TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كواليس: نماذج مختارة من التجديد والتجريب في المسرح العراقي

كواليس: نماذج مختارة من التجديد والتجريب في المسرح العراقي

نشر في: 20 يناير, 2020: 07:01 م

تواصل المدى نشر الأعمدة الثقافية، والتي سبق وأن أرسلها الفنان الرائد الراحل سامي عبد الحميد إلى المدى، بغية النشر. والمدى إذ تنشر هذه الأعمدة تؤكد الحضور الثقافي الفاعل الذي كان يميز فناننا الكبير.

 سامي عبد الحميد

- 3 -

وفي أوائل السبعينيات من القرن الماضي أيضاً لم يسمع أحد من المسرحيين العراقيين بالشاعر المسرحي الألماني (برتولد بريخت) ولم يقرأوا إحدى مسرحياته الملحمية ولكن الراحل (ابراهيم جلال) تصدى لمسرحيته الشهيرة (السيد بونتيلا وتابعه ماتي) والتي حوّل لغتها من العربية الفصحى الى العامية الشاعر (صادق الصائغ) وأخرجها المخرج بأسلوب قريب الشبه من أسلوب بريخت نفسه وأدهش عرض المسرحية المسرحيين المصريين عندما قدمت في القاهرة وبوقتها نشرت مجلة (روز ليوسف) كاريكاتيراً يسخر من المسرح المصري في تأخره عن المسرح العراقي. 

لم يشهد الجمهور العراقي مسرحية موسيقية إلا عندما جاءت فرقة مسرحية من البصرة بقيادة المخرج (قصي البصري) لتقدم مسرحية من هذا النوع بعنوان (بيادر خير) ويعتمد عرض المسرحية تلك على الحوار المغنى وعلى الرقصات الشعبية وعلى الموسيقى ذات الطابع المحلي. وكنا نأمل أن يتطور المسرح الموسيقي في العراق ليقف موازياً لمسرحيات الرحابنة اللبنانيين مع الرائعة فيروز ولكن للأسف فأن ذلك لم يحدث.

ولم نكن نتصور أن يظهر على مسارح بغداد ممثلون يقدمون الدراما الصامتة التي تسمى أحياناً (بانتومايم) وأحياناً أخرى (مايم Mime) ولكن ظهر أكثر من ممثل من هذا النوع نذكر منهم (منعم سعيد) و(محسن الشيخ) وكان بذلك من أبرز المجيدين والمجددين وكانا مع الآخرين معتمدين على موهبتهم بالدرجة الأولى ولم يكن لديهم من يعلمهم ذلك الفن المسرحي الجديد . وربما كان أولئك الممثلون الصامتون قد مهدوا الطريق لما يسمى اليوم (دراما الجسد) او (الرقص الدرامي) الذي جاء به أواخر التسعينيات من القرن العشرين المغترب (طلعت السماوي) والذي جمع حوله عدداً من المتحمسين لهذا النوع من العرض المسرحي الذي يجمع بين التمثيل الصامت والرقص الحديث وفن الباليه ولغة الجسد والفعل الدرامي. 

من كان يتصور أن يعلن احد المخرجين وهو (صلاح القصب) عن (مسرح الصورة) مطلقاً هذه الصفة على عروضه المسرحية لنصوص مشهورة لكتاب عالميين أمثال شكسبير وجيكوف مثل (هاملت) و(العاصفة) و(الملك لير) و(طائر البحر) و(الخال فانبا) و(الشقيقات الثلاث) قدمها برؤى خاصة به تختلف عن رؤيا مؤلفي تلك المسرحيات. من كان يتصور ان المخرج المجدد (فاضل خليل) يطرق أبواب المسرح الاحتفالي– الشبيه بالمسرح الشامل في عروضه لمسرحيات مثل (جوان موريتا) و(الملك هو الملك) وأن يعيد إخراج مسرحية يوسف العاني (الشريعة) بشكل مختلف عن الشكل الذي قدمها به (قاسم محمد) . ومن كان يتصور أن هذا المخرج الراحل سيطرق أبواب التراث الادبي العربي فيقدم (أنا ضمير المتكلم) معدة عن أشعار أبرز الشعراء الفلسطينيين ومنهم محمود درويش وسميح القاسم ويقدم (بغداد الأزل بين الجد والهزل) معدة عن المقامات وبخلاء الجاحظ ومصادر تراثية أخرى ثم يتبعها بمسرحية (مقامات الحريري) و(مجالس التراث).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram