علي حسين
العام 1967 يقرر الروائي ألبرتو مورافيا، التوجه صوب بكين حيث يبدأ رحلة شيقة في عالم الثورة الضاج بالمواقف والحروب والسجالات.. صاحب روايات "السأم" و"الانتباه" و"الاحتقار" لم يحمل معه سوى حقيبة ملابس والكتاب الأحمر لماو تسي تونغ،
كان يريد أن ينير للغرب لغز الصين من الداخل، ويخبرنا في مقدمة كتابه الشهير "ثورة ماو الثقافية" أن أول سؤال واجهه بعد عودته من رحلته الشيقة هذه كان: ما أعظم شيء أثر فيك هناك؟
فكانت إجابته واضحة: الفقر.
في رحلته التي استمرت أسابيع كان فيها مورافيا يسأل العمال والفلاحين والعسكر، وأخيرا تحدث مع ماو عن رؤيتهم للصين الجديدة، فكانت إجابتهم واحدة: الانتصار في الحرب ضد الرجعية والفقر .
وكان مورافيا يريد أن يتحدث في السياسة، فوجد أن الرجل الثاني في الصين "شو إن لاي" يفلت بكل مهارة من شرك الأسئلة السياسية ليتحدث عن بلاده وعاداتها ومكانة الفلسفة الشعبية والبعد الثقافي فيها، وعندما يجد أن مورافيا يلح في الأسئلة، يبتسم وهو يقول له: "دعك من السياسة إنها بضاعة فاسدة" .
في الأيام الأخيرة، عقد الحزب الشيوعي الحاكم في الصين مؤتمرا استثنائيا وكان الموضوع الرئيس فيه "التصدي لفايروس كورونا" ليعلن الرئيس شي جينبينغ أنهم سينتصرون على الشيطان.
وبينما تقاتل من اجل القضاء على وباء كورونا ، يتقاتل ساستنا من ان يكون رئيس وزرائنا القادم صناعة صينية .. الكل يريد النموذج الصيني ، لكنه لا يعرفون بماذا يفكر الرئيس الصيني الحالي شي جينبينغ الذي أصبحت أفكاره جزءا من دستور البلاد؟، كان الشاب الطموح يتذكر أنه استمع يوما إلى المعلم دنغ كسياو بنغ وهو يقول: "لايهم ما يكونه لون القط أبيض أو أسود المهم أن يصطاد الفأر" .
كانت أولى خطوات جينبينغ حملة محاربة الفساد التي أطلق عليها اسم "النمور والذباب" وشملت محاكمة وسجن أكثر من مليون شخص من كبار وصغار مسؤولي الحزب. .فيما نحن نعيش مع حملة الحفاظ على الفساد وتنميته وتسمينه ، ترليون دولار اهدرت في مشاريع وهمية ، ولا يستطيع البرلمان ان يستجوب رؤوس الفساد الكبيرة ، لانها خط احمر ممنوع تجاوزه ، وإلا الكاتم موجود .
يقول جينبينغ للصحفيين وهم يسألونه عن نظرته للمستقبل: "في شبابي كنت أقرأ كونفوسيوش كثيراً وظلت في ذاكرتي عبارته التي يقول فيها "إن السياسة هي الإصلاح، فإذا جعل الحاكم نفسه أسوة حسنة لرعيته، فلن يجرؤ أحد على الفساد" .
تتذكرون ما قاله "كونفوسيوش العراق" إبراهيم الجعفري: عندما يتهدد مصيرنا سيخرج المارد المعنوي من القمقم ، وعندما خرج الشباب من قمقم المحاصصة والفساد ، اطلقوا عليهم الرصاص وقنابل الغاز ونعتوهم بـ" الجوكر" .