طالب عبد العزيز
لا أجدني موفقاً حين امتدحت محافظ البصرة المهندس أسعد العيداني بعد تسميته محافظاً من قبل مجلس المحافظة، هو الذي جيء به عقِباً للمحافظ السابق ماجد النصراوي،
الذي اتهم بالفساد وسوء الادارة والخضوع للكتلة التي رشحته، وأعترف بأنني وقفت الى جانبه لبصريّته، متناغماً مع ما في نفسي من إغواءٍ وهوىً لا أراني منحازا له اليوم، وقد اثبتت التجربة أنه لم يحسن إدارة المدينة، بل لم يكن بصرياً كما أراد البصريون منه، فهو وفي أحسن أحواله لا يختلف عن أي سياسي عراقي ترشحه أحزاب السلطة، فضلاً عن انحيازه الواضح الى إيران، أتراهُ ردَّ على (انتفاض قنبر) وقد سمّاه" أسعد الإيراني"؟
حتى وقت قريب كنت أرى في كتابة المتظاهرين والمعتصمين في ساحة البحرية بحقه بعض التجني عليه، لكنني، حين أعود بالزمن الى احداث العام 2018 أجدهم محقين أكثر، أما ما يتعرضون له منذ تشرين الماضي الى اليوم فأمر يؤكد ما يذهبون اليه في كتاباتهم، حيث لم يكن حريصاً على حياتهم، إذ من غير المعقول أن تتمكن الجهات الامنية -التي يرأسها هو- من معرفة أوليات معظم الحوادث الجنائية، والمفاخرة بالقاء القبض على الجناة، فيما يصمت وتصمت الجهات كلها عن قتلة الناشطين المدنيين، ومن السخف والحماقة قولنا: إن حرق مخيمات المعتصمين السلميين في ساحة البحرية ومطاردتهم في الازقة، وملاحقتهم في بيوتهم واختطاف البعض منهم اعمال إنما تتم دون علمه، وخارج توجيهاته، بوصفه رئيس اللجنة الامنية في المحافظة.
كنتُ واحداً من الذين تفاعلوا مع حملته في ازالة التجاوزات عن أراضي الدولة بكازينو لبنان وشارع الاندلس، وتطلعت مع جمهور البصريين الى مدينة جديدة تنهض على يده، وذهبت في التفاؤل الى ابعد من ذلك، وأنا أشاهده يُشرف على العمل في مشروع مجاري القبلة، وسرني أكثر ما تحدث به عن التوسعة في شارع ابي الخصيب، وكذلك في مشاريع معالجة المياه الصالحة للشرب وغيرها ومثل كل الحالمين برؤية مدينة البصرة أجمل رحت في حلمي مناصرا له، اتحدث في المقهى عن وجوب الوقوف الى جانبه. لكنني، يوماً إثر آخر، وبخاصة بعد قبوله الترشيح لرئاسة مجلس الوزراء، خاضعاً لأمر الكتل السياسية التي رشحته، مؤتمراً بأوامرها، وقد بيّتَ نيته بترك البصرة، ازدادت قناعتي بانه تنكر لاحلام البصريين، وخذل ثوارهم في ساحات التحرير، بل لم يكشف عن حادثة قتل واحدة من التي تعرض لها المئات منهم.
فيا محافظ البصرة، أكتب لك هذه لتعلم بأن مخاوفي من ملاحقة سلطاتك قائمة، فأنا لا أختلف في موقفي من ساسة الفساد والظلم والعمالة عن موقف مئات الآلاف من البصريين وملايين العراقيين، الذين خرجوا وما زالوا يخرجون في الساحات، مطالبين بالتغيير، وهو حقي وحقهم المكفول بالدستور، أقول لك: تذكر بأن التاريخ لا يرحم، والزمن العراقي الجديد قادم لا محالة.
على صفحات الجريدة هذه كنت قد كتبت فيك أكثر من مرة، معاضداً ومناصراً لك، يوم ظننتُ فيك القدرة على انتشال المدينة من واقعٍ أضرَّ بها، متوسما فيك الخلف الخير للسلف الشر، لكنني، والحق أقول: أكتب فيك الكلمات هذه وأنا محبطٌ من أدائك، ولا أخفي خيبتي وأهلي البصريين بك.