TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناديل: الخال النبيل

قناديل: الخال النبيل

نشر في: 8 فبراير, 2020: 06:53 م

 لطفية الدليمي

إنّه ( علي حسين ) لاسواه ، ذلك الذي تواضع الجميع على مناداته بلقب (الخال) المحبّب حتى صار علامة مخصوصة له وممهورة باسمه كما العلامات التجارية الحصرية .

هو الخال الذي يحبه الجميع ويسعون في طلب مشورته كلما إستغلقت أمامهم جزئية في التاريخ الثقافي والأدبي والفلسفي بعد أن صار أيقونة عراقية في كمّ المقروءات وحقول المعرفة وعناوين الكتب التي نُشِرت في العالم العربي . 

لماذا أحبّ الجميع، الصغار والكبار، الرجال والنساء، المثقفون ومتواضعو الثقافة، الخال (علي حسين) ؟ أحبوه - ببساطة - بسبب كرم روحه المعطاءة وروح النبالة التي جعلته يدبّجُ المطوّلات الألكترونية في موضوعات شتى . لطالما تساءلت : لماذا استطاب علي حسين حياته هذه التي قد تبدو لكثيرين قصيري النظر حياة باردة تدور في أفلاك الكتب وعوالمها التي ينضب عمر الواحد ولاتنضب أو تأذن بنهاية ؟ أو لم يكن في استطاعة الخال - وهو القارئ المنقّب الأقرب إلى بلدوزر جبّار في التهام الكتب - أن يتحصّل على شهادة عليا في حقل معرفي من الحقول التي أبدى شغفاً بيّناً فيها (الفلسفة بخاصة) ويقضي حياته أستاذاً جامعياً منتفعاً بمزايا الماجستير أو الدكتوراه (أيام عزّها وسطوتها الأكاديمية ، لافي أيامنا الجديبة هذه) ؟ أما كان في مقدوره أن يركن لحياة الدعة والإسترخاء حتى لو انتهى مدرساً ثانوياً ؟ لماذا هذا العناء في كتابة نصّ ألكتروني شبه يومي (أحياناً أكثر من نصّ في اليوم الواحد) ، فضلاً عن الأعباء الصحفية الجسيمة التي تترتّب على عاتقه باعتباره رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة يومية، ونحن نعرف مايعنيه هذا من مكابدة مشقات لاينهض بها إلا الشغوف المؤمن بمهمته التنويرية ؟ لماذا يختار بعضنا العناء والمشقة اختياراً في الحياة وينفر من الدعة والسكون والقبول بمحض العيش وعدّ الأيام كما يفعل الكسالى الذين لايحسبون الحياة إلا وفقاً لرؤية (إنْ هي إلا أيامٌ وتنقضي سريعاً إلى العدم !) . 

علي حسين نمطٌ من الناس المسكونين بحسّ الإكتمال Perfectionism ، هو لايرتاحُ في منامه الليلي مالم يقرأ شيئاً مؤثراً أو يكتب شيئاً ذا أهمية، وهو إذ يفعل هذا يشعرُ بنوع من الراحة اللحظوية التي لاتستمرّ سوى لسويعات ليبدأ بعدها رحلة قراءة أو كتابة جديدة . هذا أوّل الأشياء، أما ثانيها فهو الأخلاقيات النبيلة التي تدفعه إلى كتابة ملخّصات مركّزة في الفلسفة أو الأدب أو تاريخ الأفكار بعامة، وبأسلوب أدبي بديع وهيكلة بيانية محبّبة صارت (ماركة مسجّلة) باسمه، وإني لأشهدُ أنّ هذا الجهد الرائع ليستحقّ أعظم آيات التقدير والإحترام لأنه يمثل مثابة توجّه الشغوفين بالمعرفة إلى امتلاك مفاتيح لمواصلة التحصيل المعرفي ، ولستُ أكيلُ المدائح المجانية إذا ماقلتُ أنّ جهد الخال في هذا الشأن أفضل بكثير من جهد المؤسسة الأكاديمية او الشعبية في إشاعة المعرفة العامة، بل وليس ثمة من سبيل لمقارنته مع بعض الأكاديميين المتبطّلين الذين لايعرفون سوى الزعيق الفيسبوكي غير المنتج والدخول في مناكفات ثانوية حول أمور لاترفعُ شأن القارئ ولاتُعلي مناسيب الثقافة الفردية للقارئ . 

علي حسين ظاهرة عراقية أحسبُ أنّ الجميع يدينون لها بالعرفان والمحبة ، ولستُ مغالية إذا قلتُ أنّ كتبه (سؤال الحب، في صحبة الكتب، دعونا نتفلسف، غوايات القراءة، والكتب التي ستأتي تباعاً) تستحقّ أن توضع على رأس قائمة الكتب التي ينبغي قراءتها وبخاصة من جانب الشباب . 

علي حسين، أيها الخال النبيل : دمتَ للعراقيين ،ودامت محبتهم المديدة لك .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram