باسم عبد الحميد حمودي -2- كان انيس زكي حسن ناحت مصطلح اللامنتمي ومترجم كتاب كولن ولسونTHE OUT SIDER الذي عج به الوسط الثقافي العربي, وقد عرفته وهو يجلس الى جوارنا, قريبا منا ولكنه لم يكن منا , بمعنى أنه كان يضع مسافة بينه وبين الآخرين ,
يزيدها بعدا اذا شاء ويزيدها قربا اذا اشتهى حوارا او حديثا.اما (نحن) فأقصد الادباء الشبان (ومن ادعى الادب ايامها) ممن كانوا يجلسون في مقهى البلدية الذي كان واقعامدخل سوق الاحمدي في الميدان مقابلاللقسم الجنوبي من وزارة الدفاع القديمة , فقد كنا نتشكل من (اقسام وألوان ) , تظهر للرائي الخارجي وكأنها كتلة متشابهة , لكنها ليست كذلك تماما: الاسماء هي –بحساب عام 1956 –والاعوام التالية تتكون من كتلة ظاهرة هي كتلة احمد فياض المفرجي , سامي حنا , سامي مهدي , ريسان العسكري , خضير عبد الامير , غازي العبادي , اسعد محمد جعفر ,باسم عبد الحميد , موفق خضر ,عبد الرزاق رشيد الناصري , سلمان الجبوري ونزار عباس . الاكبر عمرا منهم هم جليل كمال الدين , جاسم محمد الجوي , عباس العنبر , رشدي العامل , صلاح نيازي , حساني علي الكردي ,انيس زكي حسن الى مسافة من هؤلاء والى جوارهم احيانا كان يجلس المحامي محمود العبطة والشاعرعبد القادر رشيد الناصري ( لا علاقة قرابة بينه وبين عبد الرزاق ) والضابط فهمي القيماقجي ,وبعض الصحفيين الشباب امثال خضر الولي وحميد رشيد ومحمود الجندي. محمود الجندي اوصلني الى جريدة ( الناس ) المسائية وأقنع صاحبها عبد القادر السيّاب بتشغيلي مندوبا ومحررا فيها براتب مقداره عشرة دنانير لا غير ! فتح لي العمل في جريدة ( الناس ) التي كانت تصدرفي الساعة الثالثة بعد الظهر ( هي وجريدة اليقظة وجريدة بغداد – المساء ) آفاق علاقات جديدة , اذ توثقت علاقتي بالمترجم والصحفي البارع حميد رشيد وبالمذيع عبد اللطيف السعدون( الذي كان يعمل معنا ) كان السّياب قبل قدومه الى بغداد من البصرة مع جريدته احد اقطاب حزب الاستقلال بل معتمده في البصرة , وقد فصل من الحزب لخلافات في التوجه مع او ضد السياسة السعيدية , لكنه بقي محافظا على علاقاته مع الاخرين , فقد تسنى لي سماع بعض مناقشاته مع زواره امثال السادة : حسين جميل وداود السعدي والحاج علي البزركان ( احد رواد ثورة العشرين ) وصادق البصّام وغيرهم , وكان السياب حريصا على الانفراد بضيوفه اذا جد الجد وكانت حواراته معهم لا تستدعي وجود احد من محرريه . كان عملي الاساسي في الجريدة هو توفير الاخبار المحلية من الوزارات واخبار الجرائم من سجل وقوعات مديرية الشرطة العامة اليومي ,اذ لم تكن هناك وكالة انباء في العراق سوى رويتر,وهذه تبيع اخبارها بيعا ووكالة انباء الشرق الاوسط المصريةالتي لاتملك مقرا في العراق . وكان عملي الاخر هو تحرير الصفحات المتخصصة مثل الادب والطلبة ورسائل القراء .. الخ.وكانت الصفحة الرياضية باشراف الملاكم عبد السلام نيازي , وكان محمود الجندي سكرتيرا للتحرير وكان يساعدني في عملية الهروب اليومية الى كلية التربية-حيث ادرس - والعودة الى مقر الجريدة المقابل للاعدادية المركزية . كان النقاش هادرا بين ادباء القصة الشبان حول واقعية القصة الفوتغرافية وضرورة التخلص منها وصولا الى الواقعية الفنية أسترشادا بكتابات عبد الملك – التكرلي واعجابا بما ينشره يحيى عبد المجيد بابان ( جيان ) واحتراما لكتابا ت زميلهم نزار عباس القليلة.كانت دوائر الحياة عندي خمساً : البيت (وانا الابن الاكبر) والكلية والاصدقاء والعاطفة والجريدة , ولكل دائرة اسيجة وطرق داخلية ومطبات وفسحات امل, والى اللقاء.
حياة ومهن وأصدقاء
نشر في: 8 مايو, 2010: 05:12 م