علي حسين
مؤلم للغاية ان تجد مواطنين عراقيين يتعرضون لحملة شرسة من التخوين لمجرد أنهم خرجوا للمطالبة بنظام سياسي يحترم آدميتهم،
ومدهش جدا أن تجد "كتلا سياسية" تعلن حرب البسوس ضد فتيات جريمتهن الوحيدة أنهن طالبن ببلاد أكثر عدالة وإنسانية، ومضحك للغاية أن تعتقد معظم الكتل السياسية أنه لولاها لما كان هنالك شيء اسمه عراق، منذ أن بدأت الاحتجاج وهناك أكثر من طبخة مسمومة يُراد من المتظاهرين تناولها ومضغها وهضمها، ثم توجيه الشكر للحكومة وأجهزتها الأمنية وأحزابها المسلحة على كرمها الشديد مع المواطن العراقي، الذي سمحت له أن يعيش معها تحت سماء واحدة.. تخيل جنابك أن قناة تلفزيونية تتهم المتظاهرين بانهم أسّسوا مركزا لبيع الأعضاء البشرية في المطعم التركي.. كيف؟ لا يجيبك مقدم البرنامج الذي لا تتردد على لسانه سوى كلمة "الجوكر"، الجوكر كانوا هنا، الجوكر يتاجرون بالأعضاء البشرية، الجوكر لديهم معمل لصناعة الخمور، الجوكر أسّسوا جناحا في الطابق السادس من المطعم التركي للأطفال الخدج، الجوكر يريد أن يبيع العراق لترامب، الجوكر اتصل بنتنياهو واتفق معه على صفقة القرن.. حتى تخيل المواطن العراقي البسيط أن "الجوكر" هو الذي نهب ثروات العراق، وهو الذي يمنع الكهرباء من أن تنير بيوت العراقيين، وهو السبب وراء انتشار المدارس الطينية، وغياب الخدمات الصحية، وانتشار أكوام القمامة في الشوارع والساحات، هو المسؤول عن ارتفاع نسبة الفقر وتفشي البطالة في بلاد الرافدين.
في المقابل، كان الممثل خواكين فينيكس الذي أدى شخصية الجوكر يقول لنا أمس وهو يستلم جائزة الأوسكار: "نعمل في المجال الفني لسبب واحد رغم اختلاف الطرق والوسائل، فسواء عالجنا مشاكل مثل عدم المساواة أو العنصرية أو حقوق الإنسان أو حقوق السكان الأصليين أو حقوق الحيوان، فإن هدفنا الرئيس هو مكافحة الظلم".
مكافحة الظلم، هذا ما يبحث عنه المواطن العراقي الذي وجد نفسه دون أن يدري ملقبا بـ "الجوكر"، تخيل عزيزي القارئ نائب رئيس البرلمان يستنكر بشدة تعطيل الجامعات في محافظة ذي قار، لكنه لم يستنكر الرصاص الذي أطلق أمس على المتظاهرين وأدى إلى استشهاد أحد طلبة الجامعة لأنه خرج من أجل مكافحة الظلم.
إذن الكل "جوكرية" وخارجون على القانون، لأنهم يرفضون طاعة البرلمان.. ويرفضون أن يعود عصر تدجين الشعب لكي يتوافق مع قيم ومفاهيم ووصايا صدام التي عاش العراقيون عقودا في ظل جحيمها ".. ولأنهم يرفضون أن يعيشوا في ظل نظام سياسي يعتقد أن البلاد ملك صرف له.
بعد سبعة عشر عاما من سرقة ثروات البلاد، والخراب وفقدان الامن والامان يريدون منا ان نؤمن بان البلاد ، تدهورت احوالها بسبب المدعو " الجوكر" .