TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أسبريسو: أخرجْ دماغكَ من سروالها!

أسبريسو: أخرجْ دماغكَ من سروالها!

نشر في: 11 فبراير, 2020: 09:07 م

 علي وجيه

لم يعد الموضوع قابلاً للاحتمال، إي والله!، وأنا أرى آلاف الأدمغة الطافية في السوشيال ميديا، وهي لا تمتلكُ إلاّ الغوص بسراويل النساء، وحتى إن أرادوا التعاطي مع آراء بعض "الرجال" أدخلوا أدمغتهم بسراويل أخواتهم، وأمّهاتهم! 

أقرأ منشورات، وتعليقات، تخرجُ في الغالب من بروفايلات "إسلامية"، وهي تنطلقُ من بين الفخذين، لبين الفخذين، دون أن يفكّروا للحظةٍ: يُمكن دحض الحجة دون اللجوء للأعضاء التناسلية، ولا لشرف فلانة أو فلان! 

لكن كيف؟ الكبتُ الجنسي، والفصل بين الجنسين منذ الطفولة، يجعلُ طاقة هذا الدماغ المعطّل منصبّة على كلّ ما يتصل بهذه المواضيع، يذهب إلى الدين فيُخيفه، ثم تستخدمُ سرديات الدين نفسها فروج النساء وأعراضها من أجل إدانة الكفّار، يخرجُ إلى المجتمع فيجده يلوكُ بالأعراض، شعراً ونثراً ومثلاً شعبيّاً، وهذا كلّه لأنه لا يرتضي الكائن الذي أنجبه، وغسّله من قاذوراته طفلاً، وسهر عليه في الحمّى، ثمّ كبّره وربّاه وأطعمه: أن يكون هذا الكائنُ ذا رأيٍ أمامه! 

تُمعن كل المنظومات الشرقية بإهانة المرأة، وهذا السبب الأساسيّ للدفاع عن المرأة بالقول "الدين أكرم المرأة، المرأة نصف المجتمع"، وغيرها من الجمل الباردة التي لا تجدُ تنفيذاً على الأرض.

لم يعد أمام معسكر الحرب على التظاهرات، إلاّ الإساءة لبنات التحرير وساحات الاحتجاج، اللواتي ضربن أمثالاً يعجز عنها الرجال، في الشجاعة والتطبيب والإطعام، وصارت جملة "اجلب اختك إلى التحرير" درعاً واهياً لكلامهم، لأنهم لا يرتضون لامرأة أن تكون قوية، ومستقلة! 

وكأن المرأة الضعيفة هي الأقوى أو الأكثر عفّة! وكأن العالم مرتبطٌ بالأعضاء التناسلية، وليس بالعقل والضمير، عجزَ الكتّاب والمفكّرون لفرط ما كرّروا ولاكوا أفكارهم التي تقول إن "لا علاقة للرأي بالأعضاء التناسلية"، لكن الرعاع مستمرون، فإن لم تكن شيعياً فعليك أن تسأل أمّك عن أبيك، وإن انتقدتَ الصدر فأنت "ابن زنا"، وإن انتقدتَ الحشد الشعبي فلا بُدّ من تحسّرك على بضعة شيشانيين وأفغان ليدخلوا على أسرتك، وإن قلتَ في نيسان "سقوط صدّام" فهذا لأنك وهبتَ أسرتك للأمريكان! 

المكبوتون المضبوعون، ترهبهم المرأة الحرّة، فالمرأة التي تدرسُ وتقرأ وتناقشُ وتكوّن رأياً في السياسة والمجتمع والدين، يُخيفهم هذا أكثر حتى من الإرهاب، فالإرهاب الفعلي هو تبيان ضعف شوارب "سي السيّد" العراقي، الذي يصوّر للآخرين نساء أسرته خرافاً، يقودهنّ كما يشاء، ويسيّرهن كما يريد.

لا شيء يُمكن أن يعتزّ به المرء أكثر من كونه بعض امرأة، أنجبته، وبعض امرأة يُنجب منها، وتربّي اسمه وأطفاله، وأن يكون وطنه، ولو لمرّة، رقيقاً وقويّاً، مثل امرأة تقول "نريد وطن" في التحرير أو في المحافظات الأخرى، امرأة حين يهجمُ الشغبُ يشكّل أخوتها طوقاً عليها في التحرير، امرأة لا تستقذر دم المصاب، وتعالجه، وتُطعمه، وترسله إلى الكندي.

هؤلاء نفسهم، يبكون تحت المنابر على الزهراء وزينب الكبرى (ع)، ويقولون بوجوه بليدة "لولا زينب لماتت ثورة الحسين (ع)"، لكنه يقفُ ضد كل محاولة لأن يكون الإنسان حرّاً، إن كان رجلاً مُقتدياً بالحسين، أو امرأة مُقتديةً بزينب.

هذه الذكورة القشرية، البعيدة عن الرجولة، تكشفُ عجزاً عن التفكير وعن المروءة في الوقت ذاته، الفكرةُ تدحضها الفكرة، لا السروال الداخلي، ولا إرسال النساء للمباغي الافتراضية، والمشكلة أنهم ينتمون لدين عقوبة "قذف المحصنات" فيه ثمانون جلدة، دين ينمّي المروءة، حين جعل الزنا يحتاج 4 شهود، بينما القتل لا يحتاج إلاّ شاهدين، فحسب!

المكبوتون المضبوعون، هم ضحايا، وصنّاع ضحايا، فهذه النماذج لا تحترمُ أمّهاتها، ولا أخواتها، ولا زوجاتها، الأمّ لديهم مجرّد ماكنة طبخ وغسل، والزوجة ماكنة نكاح، بينما الأخت جارية تنظيف مؤقتة، ثم يضع واحدهم ساقاً على ساق في المقهى ويقول "المرأة نصف المجتمع"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. باسم الساعدي

    ابدعت فاصبت الحقيقه تحياتي

  2. Anonymous

    احسنت...(ابن الزنا !!!) اخف شتيمة نتلقاها يوميا سواء بشكل مباشر او عبر (السوشيال ميديا)لمجرد ابداء راي لا يوافق امزجة أو اهواء البعض

  3. عدي باش

    احسنت...(ابن الزنا!!!)ا أرقى شتيمة نتلقاها يوميا سواء بشكل مباشر او عبر وسائل التواصل الاجتماعي من اشخاص لمجرد ابداء راي قد لا يلائم تفكيره

  4. Anonymous

    تحليلك روعة واخلاقك راقية جدا ربي يحفظك ويبعد عنك كل مكروه

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram