TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: على جسر السنك

العمود الثامن: على جسر السنك

نشر في: 12 فبراير, 2020: 09:45 م

 علي حسين

في كلّ مساء وأنا أجلس أمام شاشة الكومبيوتر لأقدم للقراء الذين يتابعون "جنابي" ما في جعبتي، أعرف وأدرك جيدا أنّ العديد من القراء الأعزاء يريدون مني أن أترك الحديث عن الكتب،

فما يجري في بلاد الرافدين يفوق كثيرا ما سطرته الكتب عن الألم والعذاب والخسة وانعدام الوطنية، حتى تحول فتح جسر - السنك - سالت عليه دماء شباب بعمر الزهور ، انتصارا يتباهى به "الببغاء" عبد الكريم خلف، ويعلن أن حكومته التي لا صلاحية لها ، سوف تطارد المتظاهرين حتى وهم في بيوتهم.. ويكفى أن تطالع تصريحات خلف لتكتشف أن الضمير الوطني عند المسؤول العراقي مخطوف إلى حد مؤلم، فخلف يتحدث مرة أخرى عن " عصابات " ، ويكرر الحديث الغرائبى عن التظاهرات ، وينسة او يتناسى انه كان وقبل عام من هذا التاريخ يشتم الحكومة والبرلمان ويطالب بقطع الجسور واقتحام المنطقة الخضراء ورمي السياسيين في التهر، ويتنقل بين الفضائيات يصرخ ويبطي من أجل ورقة بمئة دولار!! .

حالة اللاوطنية بالتعامل مع ضحايا جسر السنك بلغت امس حدا غير مسبوق فى تاريخ الاساءة لشباب التظاهرات ، وفي محاولة يائسة للنهش من سمعة المعتصمين بطريقة أقرب إلى اعتبارهم كائنات مستباحة، فى إطار المشروع " الخلفاوي " لتشويه الاعتصام وتصوير المتظاهرين وكأنهم مجموعة من مصاصى الدماء.

تلعب الجسور دوراً كبيراً، في حياة الشعوب، وإذ نذكر مآسي الجسور تحضر في أذهاننا كارثة جسر الأئمة عام 2005 ، والتي راح ضحيتها أكثر من ألف عراقي خاضوا حرب الحياة مع مياه دجلة، لم يجدوا حتى اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة أي مسؤول يقف منتظرا عسى أن يتم إنقاذهم، لأن الساسة والمسؤولين ذهبوا صوب مايكرفونات الإعلام يبثون ويحتجون وينددون ويجمعون التبرعات التي تحولت إلى أرصدة في بنوك الخارج، فيما عوائل الضحايا لا تزال حتى هذه اللحظة تنتظر من يمد يده إليها لينقذها من العوز والفقر والتشرد، 

وانا اقرا اخبار جسر السنك ، تذكرت رواية اليوغسلافي الكبير إيفو أندريتش، "جسر على نهر الدرينا"، وكيف تسبب هذا الجسر بإراقة دماء المئات، فالحاكم الذي أمر ببنائه كان في منتهى البطش والقسوة، فرض على السكان كل أنواع السخرة والعذاب، بما في ذلك إقدامه على إعدام من اعتبرهم مخربين، مثلما يريد اللواء عبد الكريم خلف أن يفعل. 

كان اليوغسلافي جوزيف تيتو، يقول : شيئان لا يمكن استيرادهما، الوطنية والجيش. ولهذا سوف يذكر التاريخ أنّ بلداً مثل العراق يخوض ساسته حربا لتشويه سمعة اكثر من 600 شهيد ، ليقولوا للعالم إنه لا قيمة لحياة الإنسان وكرامته .

إن الأبواق التى تشيطن سمعة شهداء انتفاضة تشرين ،هى ذاتها التى تسعى بكل جهد لإسقاط الوطن من ذاكرة العراقيين . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram