ضحى عبدالرؤوف المل
يميل الفنان "سبنسر كيتون كننغهام" (Spencer Keeton Cunningham) الى ربط رسوماته بالأحداث البيئية التي تحيط به، وبالمخاوف الكبرى التي تضرب الحضارة الانسانية .
فالتقاط الحركة اللونية او الانفصال عنها هي للتعبير عن الزمن، ورصد كل التغييرات البيئية والانسانية من خلال الفن التشكيلي على أنه المفهوم الحياتي الذي ينتفد من خلاله المجتمعات بأسلوب مشبع بخليط من الكاريكاتورية، والإشكاليات الكبرى التي تثيرها التقاطعات الفنية في التحليل والتصوير والدمج بين المعقول واللامعقول بصرياً، واستخلاص نتائج الفكرة التي ينطلق منها بأسلوب عميق تكمن أهميته في التناقضات البصرية ما بين الألوان والخطوط المتعرج والمستقيم والأصفر والأحمر، ومسألة الوجود القلق بشكل عام . فهل من فلسفة معيشية ينتقدها "سبنسر كيتون كننغهام" من خلال التفاصيل الصغيرة في خلفيات رسوماته؟ أم أن الألوان بحد ذاتها هي الرفض القائم على مفهوم البيئة الانسانية التي يجب أن نزيل شوائبها وقوالبها المغايرة للجمال من خلال الفن وتعبيراته المحسوسة بصريا؟
تكمن دلالات العمق الجمالي في أعمال الفنان "سبنسر كيتون كننغهام" في الألوان الدالة على عمق التصورات الفنية، وعلى متناقضات المجتمعات وتفاوتها بين الغنى والفقر، والتشرد والاستقرار وغيرها من الاضداد المزودة بمعاني بصرية يرسمها بهدف التحسين أو الانتباه لمساوئ ما يحدث في الأحياء والبؤر السكنية التي تتضمن البؤس والرخاء، وبتفاوت مخيف، وإن من حيث التكرار بتدرجات الألوان أو في تناول الفكرة أو من خلال التماثل والتقاطع، وبرمزيات يمزجها مع الكثير من القضايا المحقة لدى الشعوب التي تعاني من تآكل حقوقها أو من الصدمات الحياتية من حيث التلوثات السمعية والبصرية أو كل ما من شأنه أن يصيب هذه المجتمعات بالتآكل والتشرد أو حتى بالعودة الى الحياة البدائية، وإن بسخرية أحياناً . يحاول من خلالها تضخيم الفكرة مثل كوميديا سوداء تجعلنا نتأمل الكثير من علامات التعجب التي يتركها فنياً، ليستند عليها ويسلط الضوء على بواطن المشاعر والأحاسيس التي تصيب المتأمل للوحاته، وهو يستشف الضحكة المخفية أو الرؤى المشحونة بهموم البيئة والمخاوف الإنسانية الناتجة عن التسلط والتلوث للحؤول دون ازديادها او للحد من اتساعها محاولاً التفاعل مع كل هذا من خلال تفاصيل كل لوحة نابعة من إعماق انفعالاته وأحاسيسه بالانسان والحياة والجمال . فهل اللوحة تمثل النسيج البيئي الذي يرسمه بفعالية كبرى ، تمثل في ظواهرها علاقة تصوراتنا في المواضيع التي لا تنتبه لها وتؤثر على البيئة كصيد الاسماك والهجرة والتشرد وغيرها ؟
ثيمات تشكيلية يكللها "سبنسر كيتون كننغهام" بمفاتيح رمزية للولوج الى عوالم الممنوعات أو الى بيئات تتسلط عليها آفات بشرية تعيق من تقدمها، وتتركها في تجليات تتبدى منها تأملات في المشاكل الاجتماعية التي تشكل صرخة وجع . فيحاول معالجتها جمالياً من خلال انفعالات الألوان التي تشكل في فواصلها تقاطعات زمنية بين الأمس واليوم دون أن يفصل التصورات ذات الهموم المتعلقة بالاسى والحزن والاغتراب والقلق وحتى الاغتراب في تكوينات يتركها ببساطة للترجم الانفعالات والخوف من المجهول أو الخوف من التلوث البيئي بكافة أشكاله من الثروة الحيوانية الى السكانية، فالبحر والجو وكل ما من شأنه أن يمنع التحرر أو كل ما من شأنه أن يأسر الحواس ويبعدها عن المألوف ، مما يمنح رسوماته دعوة للتجدد والتحديث دون التعلق بمغريات الحياة التي تؤدي الى التشوه والانكسار وتطرح عدة موضوعات تؤدي في قسم منها الى إضفاء حركة بصرية تعيد لنا الثوابت للابتعاد عن كل ما يؤدي الى تشويهات ذات علاقة مباشرة بالبيئة . فهل يمكن أن نمارس النقد البيئي من خلال الفن التشكيلي؟