TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بيع المناصب ورائحة الدم

العمود الثامن: بيع المناصب ورائحة الدم

نشر في: 17 فبراير, 2020: 10:02 م

 علي حسين

في محاورة "الجمهورية" يكتب المرحوم أفلاطون أن أكثر الرغبات وقاحةً هي رغبة السلطة، ويضيف، لكن رغبة المال تتفوق عليها.. المشكلة ياسيدي الفيلسوف الاغريقي أن "جماعتنا" تتلبسهم رغبة السلطة ورغبة المال. 

منذ أيام ومواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات تتابع معركة بيع المناصب.. حيث أبدى القضاء انزعاجه وضرب كفا بكف وهو يقول : "معقولة تباع المناصب في بلاد الرافدين التي علمت البشرية معنى القانون؟"، فيما شحذ الجميع أسلحتهم وهم يصرخون: لايسلم المنصب الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه " الدولارات ".

منذ سنوات وأنا لديّ مشكلة أساسية مع ما يقوله الساسة والمسؤولون عن الفساد والإصلاح، وتراني أضحك كلما أسمع مسؤولا سابقا أو حالياً يذرف الدمع على حال العراقيين، ويطلق الزفرات والآهات على أحوال البلاد والعباد، والأموال التي سلبت في وضح النهار..النزاهة ليست بيانات ولا مؤتمرات، إنها مسيرة خالية من الفساد ومن الكذب على الناس، أما الذين يبحثون عن مبررات، فإنهم يعتقدون إما أن المواطن العراقي غبي وإما أنه خائف من مواجهة حيتان الفساد.

كنا قد عشنا مزاد بيع المناصب الذي نصبه لنا النائب أحمد الجبوري "أبو مازن" ولا تزال مقولته التاريخية محفوظة في موقع اليوتيوب: "آني شراي وناس تريد تبيع". .هل حضرتك عزيزي القارئ متفاجئ من الحالة؟ أم أنك لا تريد أن تصدق بأن المناصب تباع؟، وأن أصحاب المزاد يعرفون جيداً أن لا أحد سيحاسبهم؟، وأن فعلتهم واحاديثهم وشراء الذمم في البرلمان كأنها لم تكن؟، وأن البرلمان مشغول بالحرب ضد كل من يقول إن الحكومة ليست منبثقة من الأحزاب "الكريمة"؟ !

للأسف في كل يوم نجد من يفتح لنا مهرجان النزاهة الكاذبة، حيث يصعد الانتهازيون على المسرح، بطبولهم، يعزفون ويهتفون في هستيريا: نحن أو الفوضى، اليوم الكلّ صار نجم الشاشة الصغيرة، الكل يتفنن في بثّ سموم الانتهازية والطائفية، وإرشاد الناس كيف يصبحون صالحين من خلال انتخابهم لنفس وجوه الخراب .

إن أحدًا يمتلك عقلًا في بلاد الرافدين لا يمكن أن يصدّق أن هؤلاء يصلحون للنزاهة، أو أنهم يريدون حكومة مستقلة فعلًا، ذلك أن الأحزاب التي تصمت على قتل شباب بلادها، وتصفق للقاتل لا يمكن أن تفكّر أبدًا في بناء وطن معافى، أيها السادة، كيف تريدون من الشعب أن يصدق أنكم منزعجون من قضية بيع المناصب وأنتم سمحتم بقتل الشباب في ساحات الاحتجاج؟ كيف يصدّق الناس أنكم حريصون على النزاهة لبلاد أنتم سرقتم الأخضر واليابس فيها؟.

وبهذه المناسبة، لن نكفّ عن تذكير المواطن العراقي الذي يرى ان التظاهرات بلا فائدة لا نفع ونقول له بأنك تستحق حياة أفضل وأكرم مما أنت فيه.. لن نملّ من الطرق على أبواب ضمير العراقيين جميعا .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram