علي حسين
من أين كل هذا اليقين الذي يتحدث به رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي؟.. الرجل في آخر ظهور له يؤكد أن حكومته لن تكون حزبية، على الرغم من أن معظم الأحزاب تمضي بمشروع المحاصصة،
وبشراهة ونهم تعودت عليها خلال الستة عشر عاما الماضية لاستمرار قانون المحاصصة رغم أنف الجميع، وأولهم المتظاهرون الذين قدموا أكثر من 600 شهيد وآلاف الجرحى والمعاقين، ورغم بعض التصريحات التي يطلقها بعض النواب عن الحكومة المستقلة، فإن الأحداث التي عشناها خلال السنوات الماضية تؤكد أن الأحزاب تنشط من أجل تمرير مرشحيها، فيما يأتي محمد توفيق علاوي ليقول لنا إنه انتهى من تشكيل حكومة "مستقلة بدون مشاركة مرشحي الأحزاب السياسية"، وأخشى أن تكون نتيجة مثل هذه المحاولات التي تقوم بها أحزاب السلطة هي أن يخفت انتباه الناس لما يجري في ساحات الاحتجاج، وأن يناموا مطمئنين على أن حكومة المحاصصة لن تتم، بينما أحزاب السلطة تتمدد أفقيا ورأسيا كل يوم.
ولهذا أخشى أن يكون البعض قد فهم أن قطار انتفاضة تشرين ، توقف عند محطة حكومة محمد توفيق علاوي، لقد عرفنا من قبل حكومات قال أصحابها إنها مستقلة ثم اكتشفنا أن الوزير لا يستطيع أن " يهرش " رأسه دون موافقة رئيس الكتلة التي أجلسته على كرسي الوزارة، وأن مشاريع الوزارات منذ ستة عشر عاما وهي توزع بين الأحزاب. إن حكومة ترفضها ساحات الاحتجاج، لا يستقيم أن نطلق عليها اسم حكومة مستقلة بأي حال من الأحوال.
كنت سأصفِّق للسيد محمد توفيق علاوي وأبصم له بالعشرة، لو أنه لم يأت إلى كرسي رئاسة الوزراء عن طريق دربونة المحاصصة نفسها ، التي كانت قبل هذا التاريخ تتغنى بمحاسن عادل عبد المهدي وحكومته المستقلة .
تعوّدت في هذه الزاوية، أن أتحدّث عن الجديد في عالم الكتب، ورغم أنّ البعض يرى "بطراً" في مثل هذه الأحاديث، ولكني أحاول أن لا أحاصركم بأخبار حكومة علاوي الخالية الدسم، ورغم انني أُدرك وأعي أنّ البعض "سيضيفونني" إلى قائمة "البطرانين" ولكن اسمحوا لي أن أحدّثكم عن كتاب اتذكره باستمرار وفيه نتعرف على إرادة التغيير التي كان ينشدها المهاتما غاندي.
ففي صفحات كتاب اسمه "المتمرّد" نتعرّف على رجل نحيل قضى معظم حياته صائماً،لم يقل للناس إنّ حزبه غير معنيّ بما يحصل في البلاد ، مثلما تتحفنا الكتل السياسية ببيانات براءة مما جرى ويجري لتقول انها لا تتحمّل مسؤوليّة الفشل في إدارة الدولة ، تخبرنا مؤلفة الكتاب عن حلم غاندي في بناء وطن : "ليس مهمّاً أن يتولّى أمر البلاد مسلم أو هندوسي أو من طائفة المهمّشين، المهمّ أن يكون هنديّاً في المقام الأول والأخير".