متابعة المدى

افتتح المعرض الشخصي الثالث عشر للفنان علي رضا وحمل عنوان ( تواشجات معاصرة ) في قاعة الأورفلي بعمان بحضور رائع وجميل للاصدقاء والفنانين والمبدعين . يتواصل المعرض لغاية يوم 2 آذار 2020 .

وقد أشار علي رضا الى معرضه هذا قائلاً: هذا المعرض تواشجات معاصرة هو بمثابة مشاهد تتنوع وتتمازج فيه محاور وإحساسات وأفكار ولمحات لأماكن وأحداث متعددة لأزمنة مختلفة تعبرعن مفهوم الذاتية وهي تلك الميولات والرغبات والأهواء والانفعالات ومختلف الاعتقادات والآراء الشخصية التي يميل لها الانسان .

المعرض يمزج بين مقولات الحياة وعوالمها واللوحات الفنية تحمل صوراً لدلالات حسية ومرموزات نتلمسها عن طريق هذا الامتلاء والاحتدام والتكرار والتواشج بين شخصيات اللوحة ليتمخض تقنياً هذا النسيج الفني الذي يدعو الى الصمت والتأمل لفضاء اللوحة وليعيد بناء حلم أو واقع لزمان مختلف .

وأضاف: إن التواشج بين الفن والحياة يتجلى عبر هذه الأعمال الفنية وهو تأكيد على العلاقة بين الإنسان والحياة ويمثل حالة مشرقة في وعي الذات المفتوحة على عصر تلاق وتمازج وانفتاح على الأخر شأنه شأن بقية الممارسات الثقافية المختلفة لاستكشاف الابتكار والتعدد والتنوع في الفن .

وقال أما اللوحات التي يغلب عليها الأسود والأبيض أو كما اسميتها رماديات فهي تخضع الى توزيع مختلف في النور والظل الذي لا ينفصل عن الحالة النفسية التي أعيش تفاصيلها وهو مايميز تجربتي الفنية لها خصوصيتها في التعبير وتقنياتها في التصوير الذي يعتمد اللعب على استخدام الخطوط وتنوعها ومعالجة الملء والفراغ والظل والنور الذي يولد إيقاعات تترجم طاقة الفراغ الى أشكال تحمل روحاً وتعبرعن أحلام يقظة نتلمسها في تلاحم الأجساد وتواشجها مع بعضها لتذكر باصولها الرافدينية القديمة التي تمثل مشاهد مشرقة في تاريخ الحضارات القديمة .

إن سمة التلاحم والتكرار والامتلاء مازالت مشرقة ومترابطة مع الفن المعاصر الذي يعتمد على التطويع والكشف والحجب في أن واحداً لمنح هذه الأشكال تواشجاً فنياً معاصراً عن طريق التنظيم والتاليف والألوان وتمازجها لمنح العمل الفني طاقة خلاقة ومشرقة من خلال هذا التواشج بين الجمالي والحقيقي لفتح فضاءات أرحب وأعمال فنية تخترق محدودية المكان ولانهائية الزمان .

وكتب الناقد والفنان د. سعد القصاب في دليل المعرض: 

هل يمكن للعمل الفني أن يطلّ على العالم في لحظة اشتباك وتداخل أحداثه على مستوى ماهو فردي أو عام على حد سواء؟ هل بمقدور الفنان أن يؤثر فعل المشاهدة لهذه اللحظة بوصفه مرجعاً يتمثّله لإعماله؟ وهل على التجربة الفنية أن تكتفي بهذين السؤالين كي تكون فريدة وخلاقة؟ أفترض أنها الأسئلة المهيمنة والمنتقاة التي يقترحها الفنان علي رضا سعيد في معرضه الشخصي " تواشجات معاصرة". 

أيضاً، لا أرى أن الفنان علي يستدعي مثل هذه الأسئلة في بعدها المفهومي بل في تصوره الحسي عنها، الذي ينحاز الى فن التصوير، أثناء ممارسة لخبرة تامة ومنحازة لأثر الجميل في عمله، لذا كان تعبيرياً بصرامة في استعاراته التصويرية ومتخيلاً لثراء دلالاتها، كما لم ينحاز لتوصيف واقعي ومباشر حتى وأن كانت موضوعات أعماله هي بمثابة تمثّل لأحداث تجري في هذا العالم المعاصر. 

استطاع الفنان أن يفاوض على رؤيته عبر المفارقة، في أن تكون أشكاله ذات أثر تشخيصي ولكنها في الوقت ذاته غير قائمة على المشابهة، في أن تحضر قيم الخط بقوة تعبيرية في لوحاته لكنه يغالبها بثراء لوني باذخ، فيما سيكون إنشاؤه التصويري تجريبياً بامتياز لكن وفق تصور لا يمنح للممارسة التلقائية حرية الذهاب الى أبعد من ضرورتها الخلاقة. 

يبدو لي أن الفنان علي رضا سعيد لا يخشى من أن ينشئ عملاً فنياً قائماً على بلاغة الخبرة الداخلية لجهة تقديرها لمبدأ الرسم. 

" تواشجات معاصرة"، عنوان معرض تتواشج فيه موضوعات موحية شتى: الكائن في وحدته، مقاربات لموضوعة الحب، الجسد كثيمة للتعبير، الحنين الى ألفة المكان، مأثرة التراث الجميل، ما تبقى من ذاكرة الحرب، مدينة بغداد في صورتها الحاضرة. جميع هذه التعيينات الباعثة على ماهو عاطفي وإنساني يكشف لنا، أيضاً، عالماً علينا أن نمضي إليه برفقة الخيال والجميل.