رعد العراقي
استبشرنا خيراً بعودة الحياة لدورينا بحلّته الجديدة بعد توقف لعدة أشهر بسبب التظاهرات المستمرة من تشرين الأول 2019 الى الآن ، وضعت الاتحاد أمام خيارات محدودة بين إلغائه أو اللجوء نحو إقامته وبمشاركة اختيارية بأسلوب المجموعات على ملاعب إقليم كردستان قبل أن يستقر الرأي الى إجرائه من مرحلة واحدة وبمشاركة 15 نادياً مع إلغاء قرار الهبوط بعد أن شهد الوضع الأمني تحسّناً ملحوظاً.
الدوري انطلق بتنافس كبير وحضور جماهيري مميّز أكد بما لا يقبل الشك بأن المباريات القادمة ستكون على مستوى عالٍ من النديّة والمساندة الجماهيرية وخاصة أن جميع الأندية المشاركة تدرك جيداً أن رحلتها لن تكون طويلة وشاقة وطبيعة المواجهات قد تمنح الفرصة أمامها للاستئثار باللقب وهي فرصة ربما لا تتكرّر.
لكن يبدو أن هذا الموسم يمرّ بمرحلة مخاض عسيرة تهدّد مسيرته وتضع القائمين عليه أمام اختبار أسلوب إنقاذه ، فبعد أزمة التظاهرات ، طلّ علينا مرض "كورونا" بمخالبه المميتة ليشكل تهديداً آخر وخاصة أنه ينمو ويحصد ضحاياه من وسط التجمّعات الكبيرة كبيئة تساعد على سرعة انتشاره وانتقاله بسهولة ، وبالتالي فإن الحضور الجماهيري الكبير للمباريات سيكون تحت احتمالية خطر انتقال الفايروس وحدوث إصابات كثيرة بهذا المرض لا سمح الله.
الوضع لا يحتمل المجازفة ، بل يتطلّب تحرّكاً فورياً لدراسته واتخاذ إجراءات وقائية سواء على صعيد تأمين سلامة اللاعبين أو الجماهير وخاصة أن سلامتهم الشخصية تمثل قيمة تعلو فوق كل أهداف الفعاليات الرياضية والمسابقات ، وربما اللجوء لإيقاف الدوري دون إيعاز من الاتحادين الآسيوي والدولي قد يُعرّض كرتنا الى عقوبات ، وبالتالي قد يكون من المنطق أن يبادر الاتحاد بشخص المسؤول عنه كخطوة أولية لوضع ضوابط صارمة للأندية لتوفير كل مستلزمات الوقاية للاعبين والكوادر الإدارية والفنية مع اصدار قرار بمنع دخول الجماهير الى جميع المباريات وهي خطوة ضرورية لتجنّب أي إصابة وانتظار ما يصدر من تعليمات من الاتحاد الدولي كما هو متوقع وخاصة بعد اقتراب المرض من أن يصبح وباءً عالمياً.
الأمر يتطلّب تفهّماً عالي المستوى من قبل الأندية وضرورة أن تبدي تعاوناً في حماية لاعبيها والتعامل مع الوضع بجدية عبر إجراءات وقائية وفحوصات طبية متكرّرة وخاصة وهي تتنقل وسط بيئات مختلفة يفرض عليها تقليل حالات اختلاط لاعبيها عبر التوجيه والتوعية المستمرة ، أما الجماهير فهي الأخرى مطالبة أن ترتقي كما عهدناها بالمسؤولية وترفع أي ضغط قد يسببه قرار منعها من حضور المباريات وتسهم في الحفاظ على السلامة العامة لحين اجتياز المحنة.
نقول ، لا نريد لكرتنا أن تكون أحد المسبّبات لانتشار "كورونا" طالماً أن الحضور الجماهيري يمثل بيئة تجمع كل أبناء الوطن من مختلف المناطق ، وبالتالي فإن الخطورة لا تتحدّد داخل الملاعب ، بل يمكن أن تشكّل تهديداً لخارجه من عموم المواطنين ، وهذا الأمر تيقنت منه بعض الدول المجاورة وسارعت الى إيقاف دورياتها كالكويت وإيران وغيرها بعد أن أدركت عمق المعضلة وتأثيرها ، وبالتالي فإن التحذير والتذكير لا يمثل تخويفاً مبالغ فيه بقدر ما هو قراءة منطقية احترازية للوضع الحالي تضع سلامة وأرواح الرياضيين وعموم العراقيين فوق منصّات التتويج الحقيقية كهدف نسعى إليه وما يليه يبقى دونه!