TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: فلوت علاوي

العمود الثامن: فلوت علاوي

نشر في: 26 فبراير, 2020: 10:01 م

 علي حسين

لا يزال ارئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي يناور ويبكي على مستقبل البلاد ويتحسر لأن العراق خسر تكنوقراط بوزن أسعد العيداني. كنتُ أتصوّر حتى اللحظة الأخيرة أنّ الأمر لا يعدو أن يكون نكتة أو محاولة لكسر ملل المواطن العراقي الذي ظلّ ينتظر الفرج كلّ هذه السنوات، غير أنه بات من الواضح أن منطق"الثلاث ورقات" والضحك على عقول العراقيين، لا يزال حاكماً في حياتنا.

رئيس مجلس النواب الذي صفق في الغرف المغلقة لمحمد توفيق علاوي وقبلهُ من وجنتيه، يخرج على الفضائيات ليقول إن أسعد العيداني كان خيارا أفضل، ولأننا في زمن العزف على المصلحة الشخصية، فقد بشرنا رئيس الوزراء المكلف بأنه قرر أن يُكرّم الثقافة والمثقفين، ولهذا كان لابد أن يضع لهم وزيراً كلّ مؤهلاته أنه محلل سياسي "معتمد" في الفضائيات!، وكأننا لم نبرح بعد النظرة الدونيّة التي تنظرها الكتل السياسيّة إلى الثقافة والشباب.

وكأننا نقول لكل المثقفين العراقيين ومعهم ملايين الشباب من العراقيين إنكم لاتستحقون وزيراً تختارونه بأنفسكم، سيخرج البعض معترضاً ويخبرنا أننا لم نعرف الوزير بعد، لكن يا إخوان كما يقول المصريون "الجواب معروف من عنوانه".

للأسف كلّ القوى السياسية، من دون استثناء، تنظر إلى المثقفين، كمجموعة من عبيد إحساناتهم، بل أدنى من ذلك. فالمثقف كائن غريب، لا يحق له الاعتراض. والمثقفون في نظر القوى السياسية مجرد مجموعات من الأسرى والتابعين، مطيعين ومستجيبين ومنفّذين لكلّ ما يطلب منهم.

للأسف، سياسيونا يضعون أصابعهم في آذانهم حين تعلو أصوات المثقفين مطالبة الاهتمام بالثقافة، لأنّ وحوش المحسوبية والبيروقراطية والمحاصصة الطائفية دائما ما تجهض أحلام العراقيين.

سيقول البعض ولماذا كان الاستغراب ؟ الم يقل حميد الهايس أنا أفضل من يصلح لكرسيّ وزارة الثقافة، ونحن نعيش اليوم في ظل ساسة يؤمنون أنّ خبرة فالح الفياض فاقت حتى المرحوم "شارلوك هولمز" في علمه؟!

هكذا وجدنا من يصرخ ويفتح مزاد وزارة الثقافة ويتنافس على السخرية من أحلام المثقفين وطموحاتهم، مثلما وجدنا من يعتبر الشباب فئة ضالة لابد أن يستمعوا إلى محاضرات الكربولي في فن "الشطارة".

في السنوات الماضية قدّم لنا المصريون نموذجاً للساسة المتحضرين، ففي لفتة جميلة اختار القائمون على الحكم أن تجلس عازفة الفلوت ومديرة دار الأوبرا الدكتورة إيناس عبد الدايـم على كرسي وزارة الثقافة .فيما نحن لانزال نعيش في عصر "تقلبات" الحلبوسي الذي يرفع فيه شاعر عدم الكفاءة والاستسهال والدوافع الشخصية التي تضع الوزير في منصبه لأنه يحمل الصفات السحرية الثلاث، مقرب من أحد رؤساء الكتل السياسية أولا، وثانيا مسالم ولا يثير الشغب ويرضى بالمقسوم، وثالثا يحب أن يرفع شعار أنا وأقاربي على الوزارة. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. karim alsudani

    عزيزي علي حسين:لقد بدأ العفن عندما مثلَ حزب سياسي تذب قندرتك توكع على مثقف فيه في وزارة علاوي بشرطي وعديم الكفاءة لوزارة الثقافة....هناك ثقوب في عقلنا....

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram