TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان ..عيون الآخرين

كتابة على الحيطان ..عيون الآخرين

نشر في: 8 مايو, 2010: 07:38 م

عامر القيسيمن خلال متابعة مايكتب عن العراق في الصحافة العربية، الراديكالية منها،كما يقال، والمحافظة، بل وحتى المتعاطفة مع المشهد السياسي العراقي الجديد، فان خطابها الاعلامي،صراحة يتسم بنبرة معادية، وهي نبرة نكتشفها بالقراءة الفاحصة من بين السطور.
فالحديث عن قضية السنة والشيعة يبدو، كما لو أن احدنا لايريد ان يرى"خلقة"الآخر، وتصور الصراعات السياسية بين العراقيين وكأنها عداوات عشائرية وعرقية قديمة لافكاك منها، والتفجيرات، فان المفخخة التي يذهب ضحيتها عراقي واحد تتحول الى كارثة هيروشيما، واذا قال سياسي عراقي ان العراق يعود الى المربع الاول، أو مجرد احتمال، فان الامر يبدو للاخوة في الاعلام العربي، وكأن الجيوش والميليشيات قد احتلت الشوارع والابنية والساحات العامة ومفارق الطرق. عندما سافرت من بغداد الى الامارات بعد سقوط صدام باشهر ونزلت في مطار ابو ظبي مع مجموعة من العراقيين، استغربت حقا من نظرات الموجودين الينا، وكأننا قدمنا من كوكب آخر، أو اننا كائنات نهضت لتوها من قبورها، لكن دهشتي واستغرابي سرعان ما تبددا، عندما توالت الاسئلة علينا، لكن اجاباتنا نقلت دهشتنا واستغرابنا من ملعبنا الى ملعبهم. وتلخيص القول اننا بالنسبة لهم،حسب ما صوره اعلامهم، قد تحوّلنا الى تراب، بسبب قوة القصف الاميركي وكثافته، واستغربوا الى حد عدم التصديق عندما قلنا لهم، ان شوارعنا مفتوحة واسواقنا تمارس اعمالها، وان الموظفين يتوجهون الى دوائرهم كل يوم، واننا نحضر اولادنا للذهاب الى مدارسهم، واصبح لدينا الآن الستلايت والموبايل، وجوقات الزواج تعج بها الشوارع كل يوم أحد واثنين وخميس. كانوا يتصورون ان الشعب العراقي قد انتقل الى رحمة الله باكمله من دون مبالغة، وان ما بقي على سطح الوطن ليس سوى ركام من احجار وحديد مصهور ودبابات محترقة بسبب الحرب.والصورة اليوم نفسها، من زاوية أخرى، هي زاوية تشويه تجربتنا الديمقراطية، وتصوير الوضع على ان كل شيء قد انتهى وما على الاشقاء الا قراءة سورة  الفاتحة على العراق واهله وتأريخه.اتصل بي احد الاصدقاء من القاهرة، وراح يكيل لي النصائح بان احاول الخروج من العراق، لان الايام المقبلة  ستكون صعبة، وقال لي بالحرف الواحد"يمعود راح نرجع للمربع الاول، هاي الصحف كلها تحجي هيج"... قلت له منزعجا بان الامور ليس كما تصور لك، وان الحقيقة في العراق هنا غير ما تكتبه الصحف هناك، وان الناس هنا تبني وتخطط وتستثمر وتفكر بالمستقبل بشكل افضل وان عليه ان يكلف نفسه بزيارة وسيجد شيئا مختلفا، لكنه دون الكثير مما نريده للعراق. هذه حالة مسؤولون عنها الى حد بعيد سفراؤنا في الخارج الذين ينبغي عليهم ان يعملوا جزءا بسيطا مما عليهم، لكي يفهم الاشقاء العرب اننا لن نعود الى المربع الاول ابدا. مع تحياتي لزملائنا في الاعلام العربي!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram