TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ثورة الكربولي!!

العمود الثامن: ثورة الكربولي!!

نشر في: 1 مارس, 2020: 09:59 م

 علي حسين

فجأة استيقظ السادة أعضاء مجلس النواب من سباتهم الذي دام عشرة أعوام، مدّوا أيديهم إلى أدراج مكاتبهم، وابتلع العديد منهم مجموعة لا بأس بها من كبسولات "صحوة الضمير" ليخرجوا لنا بهتاف واحد: "لتسقط المحاصصة".

البيانات خرجت من أفواه بعض السادة النواب الذين يصحون دائما متأخرين عن التوقيت الشتوي للبلاد، بالأمس بشرنا النائب محمد الكربولي أن لا محاصصة بعد اليوم، وقد بدا ذلك واضحا في هتافات النائب أبو مازن، وفي إصرار نائب رئيس مجلس النواب أن يجلس محمد علاوي على كرسي رئاسة الوزراء، ولا أعتقد أنّ أي عاقل في العراق لا يفرح وهو يسمع مثل هذه الأهازيج، فجميل جدا أن يدرك السادة النواب أن رعاياهم من العراقيين لم يحصدوا خلال 17 عاما من المحاصصة، سوى الموت والتهجير وأخيراً الإفلاس، وجميل أيضا أن نجد النواب يغضبون ويثورون مثل باقي العراقيين، لكنّ غير الجميل ويجب أن يقال بصراحة أن النواب جميعا تتحدد خطاباتهم على ضوء المحاصصة الطائفية والتوازن السياسي، فلو كانت هذه الصحوة المفاجئة سلوكا عاما وعقيدة وقناعة راسخة في الأداء النيابي، لما تطلب الأمر أن يطالب كل مكون بحصته من الغنائم.

هي الأكاذيب ذاتها الموروثة عن البرلمان السابق ، عندما اعتصم النواب وارتدوا الدشاديش واعلنوا ثورة الاصلاح ! ، وصرخت عالية نصيف آنذاك انها دحرت المحاصصة في عقر دارها .

يكرر السادة النواب "المنتخبون" في كلّ أزمة سياسية نفس الخطاب: "فلتسقط المحاصصة"، لكن، منذ 17 عاما لم يجرؤ سياسي عراقي على أن يرفض هذه المحاصصة اللعينة، بأن يقول لزملائه تعالوا ننتخب رئيساً للبرلمان من المسيحيين، أو دعونا من خرافة "ما ننطيها" ولنختار رئيس وزراء من خارج الكتل السياسية، لم يبق أحد إلا وخاض حربه من أجل المنافع، وباسم الدفاع عن المكوّن انقسموا إلى جبهات وأحزاب تتقاتل وتتنافس فيما بينها، واستضعف السياسيون العراق فحولوه إلى خربة، وجعلوا منه مختبرا لعقدهم وهلاوسهم وأحلامهم بالثروة والجاه والمنصب.

كنت أتمنى أن يبدأ مجلس النواب بنفسه، ولا يختار رئيسا له حتى وإن كان مؤقتاً من إخواننا السنّة، حيث لا يستقيم أن نطلب من المواطنين رفض المحاصصة، بينما البرلمانيون يطبقونها وعلى الهواء مباشرة !

للأسف الذين دمّروا وخرّبوا البلاد، تجدهم اليوم يلقون خطاباتهم عن الوحدة الوطنية ومصلحة البلد. والحقيقة أن العراق لم يكن في أي يوم من الأيام بالنسبة لهم سوى مغارة علي بابا !

ولو راجع السادة النواب أنفسهم بوعيّ وضمير، لعرفوا جيدا أنّ مشكلتنا هي "هم" لاغيرهم، وأنهم رغم الهتافات والاعتصام لن يتغيروا، لأنهم مستعدون لأن يهتفوا للوحدة الوطنية، لكنهم في كل دقيقة يعرضون أنفسهم لمن يدفع أكثر! .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram