علاء المفرجي
أغلب موسيقى الأفلام لم تتطور أبعد من أيام السينما الصامتة فهي تستخدم المؤثرات الجوية أو كحشو لخلفية الفيلم إذ أن بودفيكين وازنشتاين أصرّا على أن الموسيقى يجب أن تؤدي دور المرافق مطلقاً. لقد شعرا بأن على الموسيقي أن تحتفظ بخطها الخاص ونزاهتها الخاصة.
وكانت الموسيقى الفيلمية أحد هموم ازنشتاين النظرية ، إذ بين ازنشتاين في فلمه ألسكندر نيفسكي كيف ولماذا كانت لسلة معينة في لقطات معينة وذات طول معين متعلقة بطريقة نوعية أكثر من أي نوعية في قطعة معينة من الموسيقى، فقد تعاون مع المؤلف بروفيكييف على وضع نوع من التأليف النوعي البصري حيث يقابل كل سطر موسيقي حركة الصور التي تم وضعها في صف تقطيع عمودي، أي توحيد كلا الشريطين الموسيقي والصوري رأسياً وتوليف كل عبارة موسيقية مع كل عبارة متصلة متوازية من أفلام الصورة.
والموسيقى التي كتبها (ادموند مايزل) لفيلم ( المدرعة بوتوميكين) لايزنشتاين قد بلغت حداً كبيراً من التأثير لدرجة أن بعض البلدان الأوروبية صرحت بعرض الفيلم ولكنها منعت عزف الموسيقى.
وقد برز العديد من صناع موسيقى الأفلام المتميزين، لعل أبرزهم الموسيقار الايطالي إينو موريكوني الذي قام بتأليف وتلحين أكثر من أربعمائة فيلم ومن بين أشهر أعماله تلك الألحان والمقاطع الموسيقية التي تميزت بها أفلام المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني، فيما عرف بأفلام، سباغيتي ويسترن وقبضة مليئة بالدولارات، من أجل حفنة من الدولارات، الطيب والخبيث والشرير وحدث ذات مرة فى أميركا. وقام أيضاً بتأليف الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام المشهورة مثل المهمة، المنبوذون، سينما براديسو، لوليتا، ومالينا. فالموسيقار الإيطالي، إنيو موريكوني، حصل على الأوسكار أخيراً، بعد 5 ترشيحات سابقة، لتأليفه أفضل موسيقى تصويرية عن فيلم (الحاقدون الثمانية) من إخراج كوينتن تارانتينو. ويعتبر ترشيحه عام 2016، بعد ترشحه عن أفلام، سينما براديسو، والمهمة،والمحصنون، وبوكساي، ومالينا. اضافة لصنعه موسيقى العديد من الافلام مثل: المنبوذون، لوليتا.
والذي تابع فيلم «الطيب والشرس والقبيح» للمخرج سرجيو ليون، يدرك قوة الموسيقى التصويرية وإنها تعادل نصف الصورة السينمائية، حيث نكتشف عبقرية الموسيقار الإيطالي انيو موريكوني، الذي تحولت موسيقاه في هذا الفيلم إلى علامه فارقة في أفلام الغرب الأمريكي، والتي أهلته للترشيح للأوسكار عام 1966. فقد استخدم أنيو موريكوني في موسيقاه عناصر غير تقليدية، كصفير البشر وعويل الذئاب، ليكسب مقطوعته رهبة عالية، بحيث تتناسب مع اللقطات الواسعة للصحراء والجبال التي وردت في الفيلم.
فالموسيقار العظيم الذي تمكن على مدى سبعة عقود من سيرته المهنية، من إنتاج نحو 500 مقطوعة موسيقية، مازال شاخصا في ذاكرة الناس خاصة تلك الموسيقى التي قدمها في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بفيلم «حفنة دولارات» والذي مثل أول تعاون بينه وبين سيرجيو ليوني، واستمر لسنوات، شهدت إنتاج ما عرف باسم «ثلاثية الدولارات» التي تشكلت من أفلام «حفنة دولارات» و«لبضع دولارات أكثر»، و«الطيب والشرس والقبيح»، لتشكل تلك الثلاثية قاعدته للصعود عالمياً، فقد كانت مقطوعاته في هذه الأفلام تحفاً فنية، صنعت له اسماً لامعاً، وساعدته في متابعة مشاريعه السينمائية الأخرى.
ومن أعماله المهمة موسيقى فيلم(مالينا) للمخرج الإيطالي جوزيبي ترناتوري، والذي يعد من أهم الافلام الايطالية وتدور قصته عن الفتاة "مالينا" التي تركها زوجها الى الحرب، و بدأت مآساتها منذ دخول إيطاليا الحرب مع أهالي البلدة ومعاقبتها على جمالها الذي يفتن به الرجال من المراهقين والشبان وكبار السن. وقد نال الفيلم حينها عدداً من الجوائز العالمية.