ثائر صالح

احتكر الرجال الفنون طوال التاريخ الحديث. وقد تحدثت عن هذه الظاهرة مراراً في حقل الموسيقى بالارتباط مع الموسيقيات،

وقلت إنهن في حاجة الى جهود مضاعفة لإثبات قدراتهن في المجتمع المحكوم بالتمييز ضد المرأة. ولم تتحسن فرص المرأة في التأليف الموسيقى قليلاً إلا في القرن التاسع عشر. وتأخر دخول المرأة كعازفة في الأوركسترا كذلك حتى القرن العشرين، إذ قاومت الفرق الكبرى الشهيرة ذلك بضراوة، لذلك تأخر اعتلاء المرأة منصة القيادة أمام الفرق الكبيرة أكثر. ولا يزال هذا الموضوع من المحرمات في الكثير من الفرق الموسيقية. 

أهم وأشهر قائدات الأوركسترا هي الفرنسية ناديا بولانجيه (1887 – 1979) التي كانت أول امرأة قادت أوركسترا الجمعية الملكية الفيلهارمونية البريطانية في 1937، وهي مؤلفة ومربية موسيقية تتلمذ على يديها المئات من الموسيقيين والمؤلفين اللامعين مثل الأرجنتيني آستور بيازولا والتشيكية فيتيزسلافا كابرالوفا (1915 – 1940) التي كانت مؤلفة وقائدة أوركسترا رائدة، وعازف الهاربسيكورد الأمريكي رالف كيرباتريك الذي صنّف أعمال سكارلاتّي، والأمريكي آرون كوبلاند والفرنسي ميشيل لوغراند وقائد الأوركسترا اللامع جون اليوت غاردينر.

تأخر وقوف المرأة أمام الفرق الكبيرة الشهيرة كثيراً، مثلا أوبرا المتروبوليتان (1976 – سارا كالدويل) أو أوبرا فيينا الحكومية (1993 – سيمون يونغ)، لكن ذلك حصل بصفتهن قائد اوركسترا ضيف. بالمقابل نجد اليوم قائدات أوركسترا رئيسات (ثابتات، بوظيفة مدير فني أو موسيقي) مثل مارين آلسوب التي قادت فرق الجنوب الأمريكي السيمفونية في كولورادو وبالتيمور وكانت أول امرأة تقود الليلة الأخيرة في مهرجان برومز اللندني الصيفي الشهير (2013)، وجوآن فاليتا التي قادت العديد من الفرق مثل أوركسترا فيرجينيا السيمفونية بين 1991 – 2016، وقادت أوركسترا بافالو الفيلهارمونية منذ موسم (1999 -2000) ومدد عقدها حتى العام القادم. أما اليوم يمسك عدد من الموسيقيات الشابات اللامعات عصا القيادة مثل الليثوانية الشابة ميرغا غراجينيته – تيلا (33 سنة، أوركسترا مدينة بيرمنغهام السيمفونية) والفرنسية آريان ماتياخ (دار الأوبرا الملكية في لندن) وسوزانا ملكي (أوركسترا هلسنكي الفيلهارمونية) وسيمون يونغ (وكانت المديرة الموسيقية لأوبرا هامبورغ الحكومية وفرقة هامبورغ الفيلهارمونية قبل بضع سنوات). وقد وضع راديو كلاسيك البريطاني قائمة لأفضل قادة الأوركسترا في التاريخ مؤلفة من 18 اسم، احتلت فيها كل من بولانجيه وآلسوب وغراجينيته – تيلا موقعاً الى جانب آكتور برليوز وستوكوفسكي وغرغييف ودودامل وبرنستين واوزاوا.

حسب إحصائيات العام 2013 كان هناك نحو 800 فرقة في الولايات المتحدة تحتل المرأة فيها نسبة 20 % (كقائد أو مساعد قائد للفرقة) الغالبية منها فرق صغيرة للحجرة. لكن هذه النسبة تتراجع كلما كبر حجم الفرق وزاد تمويلها لتصبح 12 % في أغنى 100 فرقة وأقل من 5 % في حالة أغنى 22 فرقة، ممثلة بشخص مارين آلسوب المذكورة. أما في أوروبا فالوضع ليس أفضل بكثير وهذا يعكس التمييز بشكل واضح.