إياد الصالحي
ثمّة ميل لدى البعض ، ما انفكّوا بالحديث عن ضرورة التغيير في منظومة الكرة العراقية بعدما عانت الكثير من الأخطاء الإدارية والفنية في مسيرتها وأثّرت على استحقاقاتها ومراكز تصنيفها ، إنهم أول من يشهر سيوف المعارضة لأي مجموعة تناط بها مهمّة التغيير حتى بدا الأمر كأنه سلوك فطري أو ربما تقليد متوارث في مجتمع غلبت فيه المصالح الشخصية على النظم والقوانين ولن ينظر لأي مُصلِح من زاوية حسن النيّة.
ما دعاني لهذا الطرح هو تباين الآراء حول حيثيات لجنة التطبيع لإدارة الاتحاد العراقي لكرة القدم ، ومحاولة البعض اقناع المتابعين لآرائهم وهي غاية لا تدرك مهما استظهروا دعائم الحقيقة بطرح حيادي لا علاقة له بأي طرف.
هناك من استصرخ نخوة أعضاء الهيئة العامة للثأر من كرامة اللعبة بدلاً من تهميشهم ، وشخصياً اعتبر دور الهيئة العامة لا وجود له وغير مؤثر حتى في مؤتمر الخامس والعشرين من كانون الثاني المنصرم ، كان يمكن أن تأخذ الهيئة زمام المبادرة وترسم خارطة الطريق بعيداً عن تدخل أي طرف حكومي أو غيره ، وبات دورها متأخّراً وبلا جدوى لتغيير ما أتخذه الفيفا من قرار بشأن اختيار ثلّة من العاملين في هيئة التطبيع.
أحد المتابعين للقضية أشار عمّا يدور في حديث لأعضاء الاتحاد المستقيلين أثناء مجالسهم الخاصة بأنهم (يتخوّفون من القضاء والحكومة لأنهما غير حياديين وبإمكان عدنان درجال زجّهم في السجن في كل الأحوال حتى وإن كانوا أبرياء)!! لم يتساءل المعني ما سُلطة الرجل على القضاء والحكومة وهو الغائب عن البلد أكثر من عشرين عاماً؟ ثم إذا لم تكن هناك تهمة تدين أي مواطن عراقي بفعل خاطئ يُحاسِب عليه القانون لا يستطيع أحد أن يُدينه ويُلقي به في السجن مهما كانت صفته في الدولة رئيساً للجمهورية أم رئيساً للوزراء أم وزيراً أم أي موقع مسؤول عن تحقيق العدالة.
من الصعب إرضاء الناس عن أي شخص يتصدّى للمسؤولية ، ولا يزال أغلبنا يتذكّر ما واجهه الاتحاد منذ تولّي حسين سعيد المهمة في السابع والعشرين من حزيران 2004 الى يومنا هذا ، لم يسلم أحد من النقد والتشكيك والتخوين ، وبلغت الإساءة سمعة البلد من خلال الحديث العلني في قنوات فضائية عربية عن سوء العمل وغياب الحكمة وشبهات الفساد وتحريض المؤسسات الدولية لإيقاف التعاون مع العراق وتشديد إجراءات فرض الحظر تحت ضغط الكراهية للأشخاص العاملين في اللجنة التنفيذية أو أي مدرب يحقق انجازاً لمنتخب وطني لا يكنّ له البعض الود ويُفترس بلا رحمة في حملات مسيئة تطعن في نتائجه ويُخوّن ضد بلده!
بالمناسبة كل هذه الانتقادات ربما موجودة في الاتحادات العربية ، لكن هل يمكن لأحد أن يقدّم لنا مقطع فيديو لبرنامج أو مقال في صحيفة عربية يهاجم فيه الضيف مؤسّسات بلده الرياضية ورموزها ويطعن بولائهم بمثل ما يحدث في العراق وسط تهليل ومباركة المغرضين على نجاح الحلقة وهم يردّدون (عاشت ايدك .. حلقة قوية لن تتكرّر .. زين سوّيت فضحته) وغيرها من الشاكلة هذه ، والضحية سمعة العراق واستمرار الحالات السلبية نفسها لعدم وجود رادع مهني يمكن أن يُعيد النظر في سياسة مراقبة العمل الرياضي والحدّ من الخسائر المالية بإجراءات تحفظ الأموال وتمنع السارق من العبث به.
لا مفرّ من الواقع ، أصبحنا نحترف الاجتهاد وسوء التصرّف والمعاملة بأنانية ونعضّد أي حملة لإبعاد شخص ونجهل من وراء هذه الحملة ، المهم أن تسود الفوضى ويغيب المنطق وتجهض كل محاولات العقلاء لبناء منظومة رياضية حكيمة لكرة القدم وغيرها ، وليس مستغرباً أن يكون مصير هيئة التطبيع الفشل مع إمكانية تجدّد أزمة العراق والفيفا ما لم يحترس الجميع من أصحاب الفكر المتهوّر في السلوك ممن يؤمنون أن قوّتهم ترتكز في مهاجمة الآخرين بينما هم أضعف قدرة على اجتثاث الشرّ الأخلاقي من نفوسهم!