إياد الصالحي
وضع قرار وزارة الشباب والرياضة بتأجيل منافسات دوري كرة القدم الممتاز مساء أمس الأول الأثنين التاسع من آذار 2020 بالتشاور مع الإدارة المؤقتة لشؤون اتحاد الكرة وعطفاً على التنسيق المستمر بين الوزارة وخلية الأزمة الحكومية خشية من تضرّر الرياضيين والجمهور بفيروس كورونا ،
وضع الأندية المشاركة في الدوري على المحكّ ما بين تنفيذ التعليمات من أعلى جهة قطاعية مسؤولة عن الرياضة وما بين مصالحها المالية والفنية المتعلّقة بالتزاماتها للموسم الكروي 2020-2019 ، فهل كانت الأندية على قدر المسؤولية؟
ربما يفتح السؤال أبواباً عدة منها ما كان موصداً منذ أزمة وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية بشأن تبعية الأندية قانوناً ما اضطرّ الوزارة لإصدار بيان يوم الأربعاء الموافق 22 نيسان 2015 مؤكدة "أن النظام الداخلي للجنة الأولمبية يعتمد في توصيفاته التي نصّت عليها اللوائح أن الهيئة العامة تتألف من الاتحادات المركزية ولا تتضمّن شمول الأندية بالتصويت لاختيار التنفيذي" وباباً آخر يتمثل بعَطَل دور الأولمبية في ممارسة مسؤوليتها إزاء تفشّي وباء كورونا بعد إبطال انتخابات مكتبها التنفيذي قضائياً ، الأمر الذي يُلزم جميع الاتحادات والأندية والكيانات التخصّصية في الرياضة للامتثال الى تعليمات الوزارة وألا تشخصَنْ الأزمة وتنحرف عن المؤثر الحقيقي في تأجيل أو إيقاف الفعاليات مؤقتاً أو نهائياً.
لا يوجد من يتقاطع مع تأكيد الوزير د.أحمد رياض "يجب أن نكون على قدر المسؤولية في الحفاظ على أرواح وسلامة الرياضيين والجمهور معاً ، إذ لا توازي أية بطولة مهما كان حجمها فقداننا لأي عراقي من أبناء شعبنا نرى فيه المستقبل والأمن والسيادة معاً ، ولا مساومة على ذلك أبداً" وبينما كنا نترقب تأييداً مباشراً من مسؤولي الأندية لتعضيد موقف الوزير وإدارة الاتحاد المؤقتة وتحويل التوجيه الحكومي إلى درع حصين لرياضييها من مخاطر كورونا المهدِّدْ لعموم مدن العراق ، خرج بعض معارضي التأجيل بفصل من الكوميديا السوداء ليس دفاعاً عن حقوق لاعبي فرقهم ومدربيهم الذين عانوا كثيراً في الحصول على مستحقاتهم خلال المواسم الماضية وسط رخاء الإدارات ، بل خشيتهم من ردود أفعال الجماهير المتعصّبة!
هنا يُفتضح الدور اللامسؤول لتلك الإدارات وهي تجاهر بعصيان توجيه الحكومة بمبرّرات فجّة ، بينها من يتهكّم بالأمر ويقترح على الوزير أن يتولى دفع مستحقات اللاعبين ، وذاك يؤيد موقف جمعي في (كروب واتساب لأندية الممتاز) صباحاً ويعود لينقلب عليهم مساء ، وثالث يعزو التأجيل الى أمر دبّر بليل ، ورابع يعتبر الدوري علاج نفسي للجمهور المتفرّج من خارج اسوار الملعب للتخلص من ضغوط الحياة دون أن تهمّه سلامة 22 لاعباً مع 20 شخصاً على مقاعد احتياط الفريقين وطاقم التحكيم والمشرفين والمصوّرين في كل مباراة ، ومدرب أغراه الفوز بعد سنتين من الكسل يعبّر عن صدمته من التأجيل ولم يخشَ بؤس ناديه وافتقاده مع عشرات الأندية الى أجهزة فحص "كورونا" للاعبي الفريق وعشرات المشجعين قبل بدء الوحدة التدريبية!
الحقيقية إن دوري الكرة لموسم كورونا ولِد ميّتاً ، وتتحمّل لجنة المسابقات في الاتحاد المستقيل إضاعة أكثر من 120 يوماً بانتظار ما تؤول اليه تظاهرات الاحتجاج ضد الحكومة حيث لم تُستَأنف مسابقة الدوري العام (الملغي) بغياب الجمهور بعد الثالث والعشرين من تشرين الأول 2019 ، وعليه لا بدّ من اتخاذ قرار أنجع من التأجيل أثر الاعتراضات التي قدّمتها الأندية ليس بذريعة هبوط المستوى الفني والحاجة للإعداد البدني من الصفر خلال فترة التوقف ، بل لأسباب مالية تتعلّق بضمان حقوق العقود ، ورأينا إيقاف المسابقة التي يغلب عليها الطابع التنشيطي لثلاثة اسباب : الأول تفتقد للمتعة بغياب الجمهور وعدم ضمان السلامة ، وثانياً أختزِل نظامها بمرحلة واحدة ، وثالثاً عدم هبوط أو صعود الفرق في ختامها.
أي قرار يتخذ خلاف ذلك بموجب اتفاق الأندية مع مدير شؤون اتحاد الكرة أحمد عباس يفترض أن يجري التنسيق بشأنه مع خلية الأزمة الحكومية والمحافظات ووزارة الشباب والرياضة ، فالظروف الحالية تمثل ذروة انتشار الوباء في المحيط المحلي والدولي ، وبسببه أرجأت دول أوروبية أكثر جاهزية صحية من بلدنا نشاطاتها الرياضية حتى إشعار آخر أو مطلع نيسان المقبل الذي يصادف ختام مسابقتنا في الثالث منه كما مخطّط له ، وبالتالي يتوجّب التفكير بمنظار المصلحة العامة لا الضيقة ، فدوري الكرة ليس أهم من حرمان طلبة العلم بعدما اضطرّت المدارس والجامعات إلى غلق أبوابها لحمايتها.