اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: نداء العقل الأخير

قناطر: نداء العقل الأخير

نشر في: 14 مارس, 2020: 07:31 م

 طالب عبد العزيز

ماذا لو اكتشف العالمُ بأنه عاجز بالفعل عن مواجهة مرض الكرونا؟ اعتقد أنَّ سؤالاً من هذا يواجه العقلاء اليوم، فيما تقول الأخبار بان أوروبا أصبحت الوجهة الجديدة للمرض، بعد ارتفاع عدد الإصابات فيها.

ترى هل آن الاوان لنقول بان العالم بات غير مُطمئِنٍ لنا جميعاً؟ وسواء أكان الفايروس قد انفلت من مختبر ما في الصين أو امريكا، ها هو يكشف عن حجم هشاشة قدرات الدول الكبيرة في مواجهته.

ما يعنينا هنا، ولعله يكون أخطر ما نواجهه، أننا فقدنا القدرة على تصديق ما يجري من حولنا، فنحن في دوامة لا نعرف لها بداية أو نهاية، الأسطورة الدينية والخرافة في المعتقد تأخذ الغالبية منا الى قرب نهاية العالم، وما زلنا نؤول الحدث الراهن تأويلاً مستلاً من بطون السابق من كتب تراثنا، وهناك العشرات من رجال الدين ممن سيفرح بتحقق نظريته، التي قاتل من أجلها مئات السنين، والتي تخلص الى قرب نهاية العالم، على الطريقة التقليدية التي قرأ عنها، وثقّف بها، في الوقت التي تضعف فيها إمكانيات العِلم على وضع حد لزحف فايروس الكرونا مثلاً، فيما تضاعفُ النظرياتُ الاقتصاديةُ التي تقول بوجوب سيطرة إحدى الدولتين( أمريكا –الصين) على العالم من مخاوفنا.

ترى، ما الجدوى من نظرية المؤامرة التي نتذرع بها كلما حاقت المخاوف بنا، إذا كانت الدول العظمى على الرعب الذي نشهده اليوم، وماذا يعني أن نرى المدن العملاقة، التي كانت قبلة الناس وقد خلت من سكانها، فالشوارع مقفرة، والمولات خاوية، والطائرات تطير فارغة وأجمل السواحل البحرية بلا مصطافين، ومكبرات الصوت تحذر الجميع، ويتوقع كبار المسؤولين في بريطانيا بما هو اسوأ، بل ويؤكدون بأننا سنودع أحبةً لنا، هل من رعب أكثر من هذا؟

وإذا أردنا أن نخرج من الدوامة هذه بنتيجة ما، فإننا (معشر العرب) سنصطدم بعشرات الحقائق، ففي شرقنا العربي حيث لا قيمة لحياة الإنسان هنا. النظام السياسي والاجتماعي لا يرتفعان بنا الى ما يجعل من الحياة حلماً يتحقق، وغاية ذات شأن تنشد، فقد تساوت معايير الحياة والموت عند إنساننا العربي، وسط إهمال الحكومات له، وما عدم الاكتراث بما يحدثه فايروس الكرونا إلا نتيجة لخسران حياتي كبير عنده، بل وستصطدم الجهود الطبية التي تبذلها الحكومات-إن وجدت- محط تندر واهمال الغالبية منهم. عاملان مساعدان على إهماله وتندره هما الخرافة الدينية والمعتقد الفاسد، وإحباطه ويأسه من حياة لا معنى لها.

قد تكون لعبة السيطرة على اقتصاديات العالم بين امريكا والصين واضحة لنا، وإذا ذهبنا الى توقيها بما لدينا من الممكنات عبر العلم والمعرفة والفكر فسنكون في الاتجاه الصحيح، وإن كانت بخسارات غير قليلة، لكن، ما لم نتخلص منه بعد هو قدرة استجابتنا الى الخرافة، ويقيننا التام بأهمية تصفح كتب الأثر للبحث فيها عن مستقبلنا ونجاتنا، معتقدين بأنها الوحيدة التي تملك الحل لكل ما يواجهنا. قليلون جداً هم الذين سيصغون لنداء العقل الأخير. يحدثني البقّال المتجول الذي اشتريت الخضار منه أمس، عن حضوره مجلس عزاءٍ لأحد أفراد عشيرته، بأنه صافح وقبّل أكثر من 400 شخص هناك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram