د. فالح الحمراني
قالت وسائل إعلام في موسكو إن العراق انضم الى جانب السعودية في خفض أسعار النفط في نيسان. ووصفت بوابة " غازيتا.
رو" الإخبارية قرار بغداد بأنه ضربة لروسيا. وقال مصدر بالرياض إن السعودية خفضت في السابق أسعار النفط أيضاً لإضعاف مكانة روسيا في السوق، يخطط العراق رفع الصادرات، وخفض سعر البيع الرسمي لشركة البصرة للمشترين الآسيويين بمقدار 5 دولارات للبرميل. وعلق دكتور في الاقتصاد نيكيتا كريتشيفسكي على الأسباب التي دفعت بالعراق والذي هو جزء من أوبك، تخفيض سعر نفطه بعد السعودية، فقال : حتى يتضح ما تفعله أوبك الآن.
هناك ستراتيجيتان أساسيتان في سوق النفط: دعم الأسعار، وزيادة حصتها في السوق. فبعد أن رفضت روسيا دعم السعر بالشروط التي اقترحها السعوديون تبنت أوبك تكتيكات لزيادة حصتها في السوق. الدخل النهائي ، الذي كان ينبغي أن ينخفض إذا انخفضت الأسعار، سيبقى ثابتاً عند نفس المستوى بسبب توفر حجم الصادرات المطلوبة. وقال إن العالم يدخل حقبة من انخفاض أسعار النفط، والتي ، في رأي جميع الاقتصاديين الأكفاء تقريباً ، ستحفز النمو الاقتصادي من خلال خفض تكاليف الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك ، يدفع وباء فيروس كورونا إلى تكتيكات لخفض التكاليف.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال ً عن ممثل للحكومة السعودية ، أن تخفيضات الأسعار أجريت "لإضعاف مكانة روسيا في السوق". واتخذت الرياض مثل هذه الخطوة بعد فشل المفاوضات بشأن تمديد أو تعديل شروط اتفاق أوبك + للحد من إنتاج النفط. واقترحت المنظمة زيادة خفض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً حتى نهاية عام 2020 ، لكن الوفد الروسي لم يوافق على ذلك. وطلب تمديد الاتفاقية المعمل بها حاليا. وسيتوقف منذ نيسان المقبل تطبيق جميع قيود الإنتاج.
وقال خبراء استطلعت وكالة أنباء تاس آرائهم إن انهيار أسعار النفط والأسواق المالية العالمية نتج عن إجراءات الرياض وواشنطن ، بهدف زعزعة استقرار الوضع السياسي في روسيا. ويتفق معظم هؤلاء الخبراء الذين تمت مقابلتهم على أن المملكة العربية السعودية ، التي "تجاهلت موقف روسيا البناء في تمديد اتفاق أوبك + وتفاقم وضع الاقتصاد الكلي ، أسقطت أسواق النفط والمالية العالمية". ووفقاً للخبراء، إن الرياض وواشنطن تتلاعبان عن عمد بأسعار النفط وسعر الصرف ، في محاولة لابتزاز موسكو من سوق الطاقة العالمية. ووصفت وكالة بلومبرج الأحداث: بأنها حرب أسعار شاملة. وإن صفقة أوبك + انتقلت من المجال اقتصادي إلى المجال الجيوسياسي.
ويمكن للمملكة العربية السعودية زيادة الإنتاج إلى أكثر من 12 مليون برميل. في اليوم الواحد. وهذا أكثر من متوسط الإنتاج اليومي المسجل في الاتحاد الروسي العام الماضي - حيث بلغ 11.25 مليون برميل. وهذا يعادل تقريباً ما تم استخراجه في الولايات المتحدة العام الماضي (أكثر من 12.2 مليون برميل يومياً). وقال محللو بلومبرج إن مثل هذه الزيادة في إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية "ستغرق الأسواق في حالة من الفوضى" على خلفية وباء الفيروس التاجي الذي أصاب الطلب بالفعل. وتكتب صحيفة وول ستريت جورنال أيضاً عن "الحملة العدوانية" للاستيلاء على جزء من سوق النفط.
ووفقاً لبعض الخبراء فإن موسكو، على ما يبدو ، قررت إنزال ضربة بمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، لتظهر "من هو الطرف الرئيس في سوق النفط العالمية". ربما كان هذا رداً على ممارسات واشنطن لإحباط مشروع سيل الشمالي 2. ولكن ما مدى دقة وفعالية ستراتيجية روسيا؟ وتباينت أراء الخبراء بشأن إذا ما تم تحديد هذا الهدف حقاً ، وهل من الممكن إلحاق ضرر طويل المدى بصناعة النفط الصخري الأمريكي؟ وقد تباينت آراء الخبراء:
ومع ذلك ، كما أوضح المحللون في وكالة التصنيف العالمي "فيتش" ، فإن انهيار أسعار النفط لن يدمر صناعة النفط الصخري ، بل سيجعلها أقوى ، كما فعلت في 2015-2016. وعبر عن هذا الرأي مدير مجموعة البضائع الخام لوكالة "فيتش" دمتري مارينتشكو. وأضاف أنه بمجرد أن تبدأ الأسعار في التعافي بعد الانهيار قصير الأجل ، سيبدأ إنتاج النفط الصخري في الارتفاع مرة أخرى. ونقلت إنترفاكس عن رأي بعض المحللين الأجانب أن معظم الشركات المصنعة تحوّطت في المخاطر خلال فترة ارتفاع الأسعار.
ولكن هناك تقديرات أخرى. وقالت ناتاليا ميلتشاكوفا ، نائبة مدير مركز "الباري" للتحليل الاقتصادي ، لـصحيفة نيزافيسيمايا غازيتا "ستكون هناك بالتأكيد أضرار في إنتاج النفط الصخري، علاوة على ذلك، كان انخفاض أسعار النفط هذا العام أمراً بالغ الأهمية لمنتجي النفط الصخري". "لذا فإن الصناعة تكبدت بالفعل الخسائر، حتى مع وصول متوسط سعر برميل نفط غرب تكساس لأول شهرين من عام 2020 عند 53 دولاراً ". وقالت ميلتشاكوفا إن إنتاج النفط الصخري ينمو منذ بداية هذا العام ، ولكنه أبطأ مرتين تقريباً مما كان عليه في بداية عام 2019. ووفقاً للخبيرة ، من أجل إلحاق ضرر طويل المدى بإنتاج النفط الصخري ، ليس من الضروري الحفاظ على الأسعار بشكل مصطنع عند مستوى 30 دولاراً للبرميل أو أقل. وسيتم إضعاف حرب الأسعار قريباً ، لأن سعر 40 دولاراً للبرميل. أيضا غير مناسبة للنفط الصخري. وتشير ميلتشاكوفا إلى أن حالات الإفلاس وخروج العديد من الشركات الصخرية من السوق أمر مرجح جداً ، بالإضافة إلى ذلك ، لدى روسيا فرصة للضغط على أوبك في السوق الصينية.
في وقت سابق ، ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن منتجي النفط الصخري الأمريكي ، الذين هم على وشك الإفلاس، ويأملون بأن تخفض أوبك إنتاج النفط ، حيث أصبح من الصعب عليهم بشكل متزايد سداد القروض والحصول على سلف جديدة. وأفادت وكالة لومبرج: أن " البنوك كانت غير مستعدة لخفض خطوط الائتمان بعد شطب في العام الماضي قروض شركات النفط الصخري التي تصل قيمتها إلى مليار دولار ". و"يمكن أن يمثل هذا نهاية الطفرة التاريخية التي دفعت الولايات المتحدة إلى السيطرة على إنتاج النفط العالمي."
وقال أنطون بوكاتوفيتش ، كبير المحللين في BCS Premier ، لـصحيفة نيزافيسيمايا غازيتا: "إن الاحتفاظ بالأسعار في نطاق 30 إلى 40 دولاراً للبرميل سيؤدي إلى انخفاض ملحوظ في إنتاج النفط الصخري، إذا كانت الأسعار في هذا النطاق لمدة تتراوح من 8 إلى 18 شهرًا". "إذا تعافت الأسعار في نطاق 50-60 دولاراً للبرميل ، فسوف يستمر الإنتاج الأمريكي في النمو ، ولكن بوتيرة أبطأ."
وعن انعكاسات انهيار الأسعار على الاقتصاد الروسي، أعلنت وزارة المالية الروسية ، "في حالة الحفاظ على انخفاض الأسعار بشكل ثابت ، فإن توفر كمية كافية من الأصول السائلة في صندوق الرفاه الوطني سيضمن الوفاء بجميع التزامات الدولة، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي ". وبلغ حجم الأصول السائلة في صندوق الرفاه الوطني اعتباراً من 1 مارس 2020 أكثر من 10 تريليونات روبل ، أو 150 مليار دولار، وهو ما يمثل 9.2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وقالت وزارة المالية "هذه الأموال كافية لتغطية النقص في الدخل من هبوط أسعار النفط إلى 25-30 دولاراً للبرميل لمدة 6-10 سنوات.