علي حسين
كالعادة، صباح كل يوم أبحث في الأنباء عن خبر يطمئن المواطن العراقي إلى أن الحكومة ومعها مجلس النواب الذي لايعرف أحد أين يقيم أعضاؤه ، سيقفون إلى جانب الفقراء في محنتهم مع فايروس كورونا، فأجد بيان ائتلاف دولة القانون يخبرنا بأن لا رئيس حكومة دون موافقة السيد نوري المالكي.
لذلك، سأظل أُكرر القول إنني لن أتوقف عن تذكير الناس بما يجري حولهم من دمار وأسى باسم الطائفة أحيانا، وباسم الاستحقاق الانتخابي أحيانا أخرى كثيرة، وباسم الانتهازية التي تجعل فريقا سياسيا ينسى أن المعركة معركة إنقاذ العراق من وباء قاتل، وليست معركة من أحق بكرسي رئاسة الوزراء، أو أن لابديل عن عادل عبد المهدي.
دائما ما أُكرر عليكم حكاية الكتب، لأنها أفضل وأغنى الحكايات عن الأمم، ففي لحظة فارقة من تاريخ البشرية يكتب البريطاني النحيل "إيزايا برلين" عن نسيج الفساد الذي يحاول البعض أن يلف به الأوطان..
ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية عن "القناع الثعلبي"؟ هذا القناع، هو أحد اختراعات القوى السياسية الفاسدة فهي تخلقه ومن ثم تعززه.
يقول برلين: "الفاسد أبعد ما يكون عن روح المواطنة، إنه لا يعرف إلا طريقا واحدا هو طريقه، يتوهم أنه وحده الذكي، وعلى الآخرين أن يتعلموا منه". ويضيف في مكان آخر من كتابه "نسيج الإنسان الفاسد": "الإنسان الفاسد يرتكب أعظم الآثام، ثم يكررها مرات كثيرة. لأنه في نهاية المطاف لايريد أن يصنع شيئا مستقيما أبدا".
في كل مناسبة يُطل فيها أحد المسؤولين "المؤمنين" على العراقيين، سواء عبر خطاب أو بيان، حريصا على أن يعد الناس وعوداً لبناء مجتمع سليم ومتطور، ولكنه في الخفاء ينسج لمجتمع الفساد، ففي خبر جديد يعد بمثابة "معجزة" تخبرنا وزيرة التربية سها خليل بأننا خسرنا لأننا فرطنا بإدارة حكيمة مثل إدارة عادل عبد المهدي ومستشاريه الذين وصفتهم بأنهم "فريق متكامل يمتلك من الخبرة والكفاءة الكثير". هل تريدون خبرا آخر ، تفضلوا : ديوان الوقف الشيعي متهم بمخالفات مالية، وليس ديوان الوقف السني بأفضل منه حالا؟.
هذا خبر مدهش حقاً، فبدلا من أن تصرف أموال الوقفين في مساعدة العراقيين على مواجهة وباء كورونا، نجد الشيوخ الأفاضل يصرفونها على مقاولات وهمية! هل هناك أكثر دهشة من هذه سيصاب بها المواطن العراقي، الذي توقع أنه سيندهش يوما وهو يعيش في مجتمع به فرصاً متساوية في كل شيء، لا يتقدم عليه أحد لأنه ابن نائب أو سياسي، ولا يمتاز عليه آخر بسبب دينه أو طائفته أو عشيرته؟ وأن الفاسد يلاحق، دون شبهات تواطؤ، أو تدخلات لحمايته لأنه شخص "مقدس"؟.