رعد العراقي
كنّا نظن أنّ ملفات الرياضة العراقية الساخنة ستكون تحت المراجعة والمحاسبة الذاتية من جميع الأطراف في وقت فرض فيه وباء كورونا الإقامة الجبرية وهجر الموظفون المكاتب لتضطرّ منظومة الإدارة تنفيذ اعمالها عن بُعد ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
نعم كان الاعتقاد أن أجواء وخطورة ما يمرّ به البلد سيعيد حسابات الذات وتصحيح الأخطاء خشية من المجهول القادم، وتسقط رغبة التطلّع نحو مكاسب الحياة وغريزة الثأر والانتقام وتخفت جذوة وهوس شيطنة النفس على حساب النيل من الآخر لتكون العزلة تجنّبا لكرونا وهي فرصة للوئام والمصارحة والذهاب نحو إنهاء المشاكل وطرح الحلول كموقف انساني ومهني يكشف النوايا الحقيقية التي من المفترض أن تكون خارج مفهوم (الأنا).
الحقيقة الصادمة تلك التي ازدحمت بها مواقع التواصل الاجتماعي والكروبات الخاصة التي تسابق عليها البعض في تحويلها من ملتقيات للمناقشة والتحاور الى منصّات ترويج وتسويق أفكار لاستقطاب المؤيّدين عبر الإصرار على ارتداء ثوب البراءة للتستّر على اخطاء وخطايا طيلة فترة الجلوس على كرسي المسؤولية، لتتحوّل تلك المنابر الى ساحة للتنكيل والتسقيط والتشكيك وهي سابقة غير مألوفة تؤسّس وتدار بفعل الطارئين ومن يحمِل بين جوانحه آثام الفشل ولا يريد الاعتراف به!
أي إصرار على الفوضى كشفتها عُزلة كورونا.. وأي تمسّك بنهج التطلّع لمغانم الحياة الزائلة في وقت نحتاج فيه الى مراجعة النفس وتطويعها نحو مقاصد الخير وتهذيب القول والمقاصد وغسل القلوب بماء التسامح في ظرف نحن نراقب هول ما يجري في العالم وكيف أن الموت بمخالبه بات لا يعرف حدود مقاصده ولا لون ومكانة ضحاياه.
لا يستغرب البعض حين يسمع أن أهم ملفّين وهو المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية وتشكيل هيئة التطبيع لقيادة اتحاد كرة القدم لم يحرص المعنيون على طرحهما للنقاش واستغلال فترة التوقف لتقريب وجهات النظر بروح مسالمة وإيجاد الحلول والخروج من عنق الزجاجة، بل على العكس فإن مواقع التواصل والكروبات الخاصة باتت تستهدف ترسيخ مبدأ رفض أي شخصية أو ترشيح وجوه جديدة للانتخابات ومحاولة النيل منها واتهامها ووضع العراقيل في طريق وصولها الى أي منصب في إصرار غريب على تمسّكهم بمواقعهم لإثبات أن الرياضة العراقية عاجزة على انجاب غيرهم.
اما الإعلام الرياضي فمازال يغضّ البصر عن كشف ورفض تلك الوسائل الهجينة التي تمثل خطراً على مبادئ الرياضة العراقية وهناك من ذهب باتجاه مسايرة وتعضيد تلك الأفعال بعلم وإدراك أو بجهل لا يتحسّس فيه عمق ضرره، وبالتالي فإن الحيادية والمهنية التي تمثل القلب النابض للصحافة أصبحت تحبو على مسلك ضيق بعد أن أخذ التسلّط والقوّة والإغراء لشاغلي المناصب الرياضية الكثير من هيبتها وثباتها.
باختصار، إن الأفعال الحقيقية تكمن في نقاء التصرّف وبراءة النوايا المخفية، فدعونا نصارح الذات ونتقرّب الى بعضنا كلاً من موقعه، ونكون اكثر حرصاً على انجاز واجباتنا بصدق دون النظر الى المكاسب الشخصية، خاصة في هذا الظرف العصيب ليكون نقطة انطلاق لرؤية جديدة تستند الى تفعيل هدف المصلحة العامة بأمانة ونكران ذات تكون خير إرث نتركه للأجيال القادمة.
لا خوف من كورونا، فثقتنا كبيرة أننا سننتصر عليه إن شاء الله.