علي حسين
إذا كنت مثلي تقرأ وتسمع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه الآف السياسيين تستطيع أن تُطلق عليهم وأنت مرتاح الضمير صفة "الفضائيين" فهم يتقاضون رواتب "فضائية" ويتقاسمونها بالعدل والقسطاس،
وأنا مثلكم أيضا شاهدت "الحاجة" عديلة حمود وزيرة الصحة السابقة ذات يوم، وهي ترفض الإجابة على سؤال وجه لها حول نقص الأدوية والمعدات الطبية في المستشفيات، لنكتشف أنها عينت أحد أشقائها وعددا من أقاربها في لجان فنية تتعلق بالعقود، فجاء الفرج بعد أن استوردت اللجنة 26 ألف نعال طبي بقيمة 900 مليون دولار، هل انتهت المهازل عند هذا الحد؟.. لا ياسادة فهذه اللجنة العائلية لفلفت عشرات الملايين من الدولارات لإنشاء معامل للأوكسجين، تم إنشاؤها على الورق فقط.
وبدلا من أن تقدم الوزيرة الهمامة إلى القضاء، قررت الوزارة أن تنتج لها فيديو كليب تقول كلماته: "عديلة يا عديلة الجرح شديتي حيلة.. على الفقرة كلبهة ولا باعت عربهة.. الوطن كله شعبهة تلوكلهة الوزارة".
ستقولون لماذا ياصاحب العمود الثامن، لا تريد أن تنسى السيدة عديلة وقد غادرت المنصب من دون ضجة لأنها تؤمن بالتبادل السلمي للسلطة، مثلها مثل السيد عادل عبد المهدي الذي لا يزال يصر على أن العراقيين خسروه وسيعضون أصابعهم من الندم.
هل تشاهدون الصور المؤلمة التي تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي حول أوضاع مستشفياتنا التي تفتقر لأبسط الأجهزة الطبية، في الوقت الذي نهبت عشرات المليارات من موازنة وزارة الصحة في زمن "أتقياء حزب الدعوة"؟، الأقسى من كل ذلك أننا من جديد نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنّ المواطن بلا ثمن، ولا أهمية، مجرّد رقم يضاف إلى سجلات الموتى، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في عدم توفر أجهزة طبية متطورة في مستشفيات بلاد تصدر يوميا أكثر من أربعة ملايين برميل نفط، مثلما لا يحق لكم أن تسألوا لماذا تصر أحزاب السلطة على أن يبقى عادل عبد المهدي على كرسي رئاسة الوزراء، مثلما ليس من حقكم أن تسألوا هل تمت محاسبة الوزيرة السابقة عديلة حمود؟ والتي حولت وزارة الصحة آنذاك إلى شركة مساهمة يديرها زوجها وابن عمها وأشقاء زوجها وأزواج بناتها.
في الماضي، واجه العالم أوبئة وكوارث اجتاحت البشرية، لعل أشهرها وباء الطاعون الذي فتك بنحو ثلث سكان العالم، وفي هذا كتب الفيلسوف والأديب الفرنسي الشهير ، ألبير كامو، روايته الخالدة "الطاعون"، والتي دارت أحداثها في مدينة وهران الجزائرية في القرن الماضي.. وحين غاب الطاعون عن العالم المتحضر ، ، غرقنا نحن في هذه البلاد بطاعون من نوع آخر يسرق الأخضر واليابس، ولا يمكن مقارنته بأي وباء آخر.