علي سرمد
هذا أنا
ومنذُ ألفِ عام
وما زلتُ أحملُ موتي على صدري
وأمشي في جنازتي كلَّ يوم
كطفلٍ يبحثُ عن قبر أبيه
في كومة رماد.
لم يتغيّر أيُّ شيءٍ
سوى آلةِ القتل
لا فرق
أنْ تموتَ على حدِّ السيف
أو ترقُصَ على مسدساتْ
الكاتم للصوت.
بالأمسِ كنتُ زنديقا
والآن وبفضلِ (سبرغة)
الجينات السياسية
أصبحتُ جوكريا
لا أقتاتُ سوى القنابلِ المسيلة للرأس.
وحدي أصرخُ في البراري
ليعلو صوتُ الملائكةِ الهاربين من لعنة الله
وحدي أقارنُ سؤالَ الوجود
بأجوبةِ الرصاص والعبوات اللاصقة
فيا أيُّها الموتُ
يا قريني في الوجود
أنّى تفتك بي كلّما اختلفتُ معك.
هذا أنا ومنذ ألف عام
وما زلتُ أتشبتُ بخيطِ نحيلٍ
لأسبقَ العالمَ بما تنسجُه يداي
من ذاكرة الرمل.
سيمضي زمنٌ
ونقفُ أمام المرايا مجهشين بالبكاء
نقول (يا ليتنا ....... يا ليتنا ....
يا ليتنا )
ونحن نضمرُ في أبجدياتنا
بنادقَ السلطة
وعورةَ الجاثمين على صدورنا
سيذكرُ التاريخُ أنّنا خذلناكم
وكلُّ من كان معي على مائدة السفينة
وأنّنا أوّلُ من بايعناكم ثم تركنا القنابلَ تفترشُ الرؤوسَ
حين نجد فيكم معبرًا إلى الضّفةِ الأخرى.
كنتَ مثلَنا يا سفيرَ الروح
خارجاً عن أسوار مدينتنا
ومنتفضاً على البحارة عند ارتفاع الموج
ثم ادّعتك سدنةُ المعابدِ فجأةً
ترسيخاً لدموعهم التي مزَّقتك أشلاءً.