TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلاكيت: سينما المرأة - 6 -

كلاكيت: سينما المرأة - 6 -

نشر في: 1 إبريل, 2020: 06:09 م

 علاء المفرجي

فيلم فريدا الذي حمل توقيع المخرجة هايدن هيراير، ينتمي أيضاً لأفلام المرأة، لكن المرأة هنا فنانة معروفة استطاعت هيريرا أن تعالج سيرتها كأمرأة أولاً، وكفنانة ذاع صيتها في المشهد التشكيلي عالمياً.

فنحن أمام واحدة من أهم الحقب التاريخية في تاريخ المكسيك كخلفية لحياة أهم الفنانات في الحركة السريالية في عشرينيات القرن المنصرم.

وإن كانت السينما المكسيكية قد حققت فيلماً عن هذه الفنانة بتوقيع بول ليروك في الثمانينيات، إلا أن مع فيلم تايمور ونص هيريرا، نحن أمام حياة تستحق أن تروى..

هذه السيرة الممتدة بالكثير من أشكال الصراع مع الذات والآخر، مع الألم (باعتبار أن الأبطال الحقيقيين هم الذين يمتازون بالخشوع أمام الألم كما يرى ستيفان زفايج) هذه السيرة هي ما حاولت تايمور الوقوف عند محطاتها .. ولكن هل وفقت؟

كالهو لم تكن معروفة إلا بارتباطها بحياة أهم رسام جداريات في العالم على الإطلاق الفنان المكسيكي دييغو ريفيرا.. انتبه نقاد الفن لأعمالها كانت البداية الأولى في التعرف على سيرتها، ذلك أن أعمالها الواقعية مفعمة بالتوثيق، توثيق سيرتها مع الألم الذي أطر سنوات عمرها التي لم تتجاوز العقود الأربعة.. الانتباه الى منجزها الفني كان السبب الذي دفع البعض للتعرف على سيرتها، وحال كالهو هنا كما هو حال كوخ ومودلياني وغيرهم من الفنانين الذين غمر الألم إبداعهم في حياتهم، ثم سلطت الأضواء عليهم بعد رحيلهم.

وجود سلمى حايك وأداؤها المذهل والذي لو اكتفت به بقية حياتها، لكان كافياً لبلوغها المجد في التمثيل، أقول إن التقمص المبدع من قبل حايك لشخصية كالهو، سهّل مهمة المخرجة في الاعتناء بشخصية الفنانة لذاتها من دون الاعتبار لعلاقتها مع الشخصيات الأخرى بل ومع أحداث زمنها.. لذا كانت الشخصيات الأخرى وعلى أهميتها تسبح في فلكها فاقدة أهميتها التاريخية، ولاشك أن ذلك كان نزولاً عند شروط التسويق الهوليوودي.. بل إن التركيز على موهبة كالهو والآلام التي عانتها أفرغها هي الأخرى من الكثير من الصفات التي ربما كانت الأهم في صياغة مجدها وشهرتها، وأعني هنا عقائديتها وانخراطها النشط في الحركة الشيوعية.. بل إن الفيلم تعامل مع دخول القائد الشيوعي التاريخي الفذ (تروتسكي) والذي كان مطارداً من قبضة رفيقه السابق ستالين، تعامل معه من كونه معشوقاً لفريدا ليس إلا، بل وسيلة لإثارة غيرة (ريفيرا) زوجها الذي عرف عنه علاقاته النسائية المتعددة .. في وقت إن علاقة تروتسكي بفريدا وريفيرا هي أكبر من أن تسجن بمثل هذا التصور السطحي، إلا إذا كان ذلك سببه التعاطي مع القضية بما يناسب وجهة نظر سياسية تقضي أن تروتسكي ليس إلا ذريعة لإبراز وحشية ستالين (كذا!). الأمر الآخر المهم الذي تغافله الفيلم وصنّاعه، هو الذي يشكل ركناً مهماً في سيرة فريدا كالهو هو علاقتها بالحركة السريالية تلك الحركة التي كانت في أوج صعودها في الفترة التي يتناولها الفيلم.

ففريدا كالهو كانت بالضد من رأي الرمز الأول للسريالية وصاحب بيانها الأول (اندريه بريتون) من أن أعمالها تنتمي للسريالية، ذلك إن لوحاتها تتسم بالواقعية لما تضمنته من قدرة على ترجمة القهر والألم الذي خيّم على حياتها على مدى ثلاثين عاماً.. ولم تكن قراءتها حتى على المشاهد العادي تكتنفها صعوبة ما، على عكس ما اتسمت به أعمال السرياليين الآخرين.. هذه العلاقة على أهميتها لم تجد المساحة المطلوبة في الفيلم.. وهو يعتبر أحد هفواته- أي الفيلم-.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram