إياد الصالحي
بمجرّد أن يلتئِم شمل لجنة التطبيع الخماسية لإدارة اتحاد كرة القدم عملياً في أقرب فرصة ما بعد زوال خطر كورونا عن بلدنا ، ينبري السؤال المحبوس في صدور عشاق اللعبة:
هل يُمكن للخماسية أن تضع تصوّراً ستراتيجياً في كيفية تحويل تجربة الستة أشهر الى نظام مستديم يمارس العدل في تسيير أمور اللعبة ويقيم انتخابات شفافة ينأى فيها ممثلو الأندية عن التكتّل وتنحاز أصواتهم عبر ممارستهم الديمقراطية الى الشخوص الأكفاء وفقاً لمعايير التنافس المؤمّل مواءمتها مع منهج الإصلاح المحّدث لنُظم الفيفا؟!
المَهمّة صعبة والترِكة متراكمة نتيجة التكاسل الطويل ، ولا يُمكننا التوقف عند زمن معيّن ، فجميع اللجان التنفيذية التي انبثقت من صندوق اقتراع العمومية انشغلت في مسألتين فقط وتعاملت مع بقية المسائل باهتمام أقل ، وهما نظاما (الدوري والانتخابات) اللذان لم يشهدا الاستقرار قط ، فلا الدوري حافظ على آليته وعدد المتبارين كل موسم ، ولا قواعد الانتخابات وأدَتْ الصراعات الخفية للهيمنة على المقاعد ، لهذا دخل الاتحاد في نفق جدلي لإقناع معارضيه بأن عمله لا يشوبه الخطأ وترك واجبات أساسية ظلّت تشكّل عبئاً عليه من سنة لأخرى.
تستطيع لجنة التطبيع أن تنجز أعمالها المحدّدة بموجب رسالة الاتحاد الدولي في 10 شباط 2020 وتلتزم بها مع امتلاك رؤية كاملة لمرحلة ما بعد انتهاء دورها وتُسلِّم المسؤولية للاتحاد المنتخب ، فإدارة الشؤون اليومية للاتحاد تستوجب استغلالها بأجندة مدروسة صباح كل يوم حسب اللجان المعنية التي ستشكّل لاحقاً ، ولا تستهلك أو تفقد قيمتها بالمناكفات المسائية في الإعلام عبر برامج فضائية بعضها يبحث عن إثارة قضايا ظاهرها مهني لوضع الرأي العام بالقرب منها وباطنها مُهين أحياناً للعبة حينما يدخل ممثلها في مساجلات شخصية تقزّم موقعه وتخرجه عن طوره وتثير نقمة الجمهور ضده ، وكأنَّ رياضة العراق عُقرت ولا يوجد أبطال ومدربون وإداريون في ألعاب أخرى غير كرة القدم!
الواجب الثاني مراجعة وتحديد النظام الأساس المعمول به في الاتحاد العراقي ، حيث كثر الحديث عن عدم صلاح النظام المصادق عليه من الفيفا عام2017 بعدما طعن به في القضاء ، وبعد الاتصال مع أطراف معارضة لإجراءات الاتحاد الانتخابية عام 2018 وحُرمت منها ، أكدوا أن النظام سليم ويحتاج الى تعديل بعض الفقرات أبرزها عدد أعضاء الهيئة العامة وتوصيفها وما يتعلّق بشؤون الانتخابات شريطة أن لا تتعارض مع محدّدات الفيفا ، فالبعض يضع أرقاماً لعدد الأعضاء 80 أو 100 بتكهّن عبثي لا يستند الى طبيعة الكيانات المُراد توسِعة ممثليها.
تبقى مسألة تنظيم واجراء الانتخابات للجنة التنفيذية الجديدة وأمدها أربع سنوات غاية في الأهمية ، وتتطلّب شروطاً محدّدة ومحصّنة من الخرق مع إجراءات عادلة ونزيهة حيث أشّرَتْ المؤتمرات الانتخابية الأربعة (دورة حسين سعيد 27 حزيران 2004) و(دورة ناجح حمود 18 حزيران 2011) و(دورة عبدالخالق مسعود 31 أيار 2014) و(دورة عبدالخالق مسعود 31 أيار 2018) بطلان اثنان منها 2011 و2018 بسبب مشاكل في تطبيق النظام الأساس ، وسعي البعض للتكتّل بشراكة مصالح لا علاقة لها ببناء مستقبل لكرة القدم العراقية بقدر دأبهم على إعلاء جدار حديدي يمنع وصول مرشحين جُدد أطول مدة ممكنة!
تنتظر لجنة التطبيع تحدّيات كبيرة في وقت محدّد لا يحتمل إضاعته في الاستماع لمنتقدين كرّسوا جهودهم للهدم لأنهم لا يجيدون سواه ، بعكس البناء الذي يحتاج الى الخبرة والعلمية والتجدّد في الفِكر والصدقية مع النفس عند الاخفاق للاعتذار عن الاستمرار لا العناد والمكابرة والتهديد ، وكذلك وجوب الحذر من الاستعانة بخدمات أشخاص مقيمين داخل أو خارج العراق مهما كان تخصّصهم لا يتحمّلون المسؤولية ، فالتجربة الأخيرة فضحت النوايا ، أحّدهم كان يُحرّر مخاطبات الاتحاد مع الفيفا والقضاء من الخارج بحرية تامة بذريعة تمتّعه بصفة خبير وكان أوّل الفارّين من مركب المصير عندما تعرّض للاحتراق بعدما رمى عود ثقاب خطير معترفاً بعدم المصادقة على النظام الاساسي وهو لاعب أساس في تخريجه وتوليد اللجنة المنتخبة منه!